إسرائيل اليوم: جهاديون في البيت الابيض
إسرائيل اليوم 16/11/2025، ايال زيسر: جهاديون في البيت الابيض
كيف أصبح احمد الشرع الشاب جهاديا؟ حسب شهادته أدى به اندلاع الانتفاضة الثانية في بداية سنوات الالفين لان يتبنى مذهبا فكريا إسلاميا متطرفا، فينتقل من سوريا الى العراق وينضم الى صفوف القاعدة وداعش كي يقاتل القوات الامريكية التي احتلت تلك الدولة. هؤلاء القوا القبض عليه فقضى بضع سنوات في السجون الامريكية الى ان تحرر. عندما عاد الى سوريا في العام 2012 بعد أن نشبت فيها الحرب الاهلية، اقام تنظيم جبهة النصرة كفرع سوري لتنظيم داعش. لكن في السنوات التي تلت ذلك بدأ يلطف حدة تصريحاته، فك ارتباطه عن داعش وعن القاعدة بل واعلن بان الولايات المتحدة ليست عدوا وان رجاله لن يمسوا باهداف أمريكية. رجاله الذين سيطروا في حينه على هضبة الجولان السورية حرصوا على الحفاظ على الهدوء على طول الحدود مع إسرائيل. هذه الاقوال لم تترك اثرها على الأمريكيين. فقد عرّفوا تنظيم الشرع/الجولاني كتنظيم إرهابي، قرروا جائزة مالية بمقدار 10 ملايين دولار على رأسه وبعثوا بطائرات وقوات خاصة للمس به وبرجاله.
غير أنه منذئذ تدفقت مياه كثيرة في النهر في واشنطن وفي الأسبوع الماضي استقبل الشرع كضيف شرف في البيت الأبيض فيما ان الجميع، وبخاصة الرئيس ترامب، رغبوا في تكريمه.
دفاعا عن نفسه يشرح الشرع بان ماضيه الجهادي في صفوف القاعدة وداعش كان مثابة طيش شباب لشاب في العشرينيات من عمره، وانه منذئذ نضج وغير طريقه واراءه. في الولايات المتحدة يعزون في صالحه أيضا حقيقة أنه منذ استولى على الحكم في سوريا كاد لا يرتكب أخطاء، وهو يحرص على أن يقول ويفعل الأمور الصحيحة من ناحية الأمريكيين. حيال إسرائيل أيضا يبقي على موقف في الظل، ويكرر المرة تلو الأخرى رغبته في الوصول معها الى اتفاق امني يضمن الهدوء على الحدود التي بين الدولتين.
ومع ذلك يدور الحديث عن جهاد تنغرس جذوره في القاعدة وفي داعش. وفي الوقت الذي يطلق فيه ابتسامات للغرب ولاسرائيل يحول سوريا الى دولة إسلامية متزمتة ومضطهدة – وغير مرة ذابحة أيضا – لابناء طوائف الأقليات، العلويين والدروز بل وحتى المسيحيين، دولة تسعى لان تفرض نمط حياة إسلامي ديني على الأغلبية العلمانية (بتعابير شرق أوسطية) التي تعيش فيها.
لكن للرئيس ترامب لا يحرك كل هذا ساكنا، فقد اتخذ القرار بان الشرع هو رجله في سوريا. ودفاعا عن موقف ترامب يمكن أن نقول ان سوريا لا تهمه حقا، ومذكور تصريحه من العقد الماضي بان سوريا هي “رمال وموت” وسكانها غارقون في نزاعات قبلية. وعليه فقد شرح في حينه ترامب بان ادارته ليس لها أي نية للتدخل في ما يجري في هذه الدولة.
وفضلا عن ذلك، مرت الأيام التي كان فيها قمع الأقليات او حريات الانسان تقلق احد ما في واشنطن. يبدو أيضا انه مرت الأيام التي درج فيها الامريكيون على أن يتشاوروا مع إسرائيل ويسألوا رأيها وينسقوا معها الخطوات في المنطقة. اما اليوم ففي البيت الأبيض لم يعودوا يحصون إسرائيل. ومن أصبحا حبيبي ترامب هما صديقاه المقربان الرئيس التركي اردوغان، الدكتاتور المؤيد والمتحمس حماس والى جانبه أمير قطر، زعيم متنور آخر لدولة تنشر التطرف والإرهاب، وهذان الاثنان تبنيا كما هو معروف الشرع الى حضنهما، والان يسير في اعقابهما الرئيس الأمريكي أيضا.
وفي هذه الاثناء يسوق الشرع نفسه لترامب كمن سيعمل على انهاء الحرب الدامية في سوريا، يقاتل إرهاب داعش، يخدم بولاء المصالح الامريكية وحتى يوقع على اتفاق مع إسرائيل.
رغم التخوف المفهوم في إسرائيل ما بعد 7 أكتوبر، لا يشكل الشرع تهديدا اليوم وبالتأكيد ليس تهديدا فوريا ومباشرا علينا، إذ انه يقف في رأس دولة خربة بلا جيش ويواصل رؤية حزب الله وايران العدو المكروه والتهديد المركزي الذي يقف امامه.
يمنح هذا الامر إسرائيل مجال مناورة تجاه الشرع، لكن لهذا الغرض حكومة إسرائيل مطالبة بان تبلور سياسة في المسألة السورية، الامر الذي لم تفعله حتى اليوم. وبغياب سياسة إسرائيلية، فان ترامب هو من يقرر عنا – في الشهر الماضي بالنسبة لغزة والان بالنسبة لسوريا أيضا.
مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook



