إسرائيل اليوم: بين طهران والغرب: التصفية والمفاوضات
إسرائيل اليوم 14/8/2024، داني زاكن*: بين طهران والغرب: التصفية والمفاوضات
أوقفت تصفية إسماعيل هنية في اثناء زيارته الى طهران، وان كان مؤقتا، خطوة من بضع دول غربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة بالدفع قدما بمحادثات مع ايران للعودة الى الاتفاق النووي. وكانت هذه الخطوة في حالة وضع بنية تحتية للمحادثات التي يفترض أن تبدأ في 2025، بعد دخول الرئيس/ة الجديد/ة الى البيت الأبيض.
يشهد على ذلك سباق التوجهات، علنا وفي محادثات مباشرة، لبعض من قادة دول أوروبا المشاركة في الاتفاق النووي مع الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان. بين المتوجهين كان الرئيس الفرنسي عمانويل ماكرون، رئيس الوزراء البريطاني كير ستارنر والمستشار الألماني اولف شولتز، وكذا محادثات على مستوى وزراء خارجية هذه الدول. في البيان الرسمي الذي نشر يوم الاثنين قيل ان ايران طولبت في هذه التوجهات القاطعة بالامتناع عن الرد على التصفية والقي عليها بالمسؤولية عن نتائج مثل هذا الهجوم. نتائج كهذه، كما اشير في البيان من شأنها ان تؤدي الى تصعيد في القتال والى المس بوقف النار في اطار الصفقة لتحرير المخطوفين. غير أنه غاب عن البيان النتيجة الإضافية التي يمكن ان تحصل اذا ما وقع هجوم رد وتصعيد الا وهي المس الحقيقي بفرص العودة الى المفاوضات على الاتفاق النووي.
حسب مصادر أمريكية، عربية وأوروبية نقلت الى الرئيس الإيراني الوافد فور تسلمه مهام منصبه رسالة استئناف المحادثات تمهيدا الى العودة الى الاتفاق النووي، اتفاق يتعين تحديثه في ضوء التقدم الذي حققته ايران نحو القنبلة بما في ذلك تخصيب اليورانيوم والتقدم في جوانب تكنولوجية.
امس أكدت هذا محافل إيرانية في ما نشر في صحيفة “العربي الجديد”.
وفقا لمنشور آخر في “الجريدة” الكويتية فتحت الولايات المتحدة نفسها “خطا ساخنا” مع ايران تنقل فيه الرسائل من الطرفين.
الاتفاق النووي الذي وقع في 2015 سمح لايران بمواصلة البرنامج النووي، المدني ظاهرا، رغم شهادات متكررة عن أنه مشروع مع جوانب عسكرية، أي – يؤدي الى بناء قنبلة نووية. شدد الاتفاق الرقابة، لكنه كان محدودا بالسنين ومتعلقا بالنيبة الطيبة لإيران. الى جانب ذلك، حرر في ايران مبالغ طائلة بعشرات مليارات الدولارات بشكل فوري، ومبالغ مشابهة في كل سنة من تحرير أموال إيرانية مجمدة واساسا من إزالة معظم العقوبات على بيع النفط. استخدم المال منذئذ أساسا لتعزيز صناعة السلاح الإيرانية ودعمها لمنظمات الإرهاب المتفرعة عن ايران بما فيها حزب الله، الحوثيين وبالطبع حماس والجهاد الإسلامي.
هاريس ام ترامب
رئيس الولايات المتحدة السابق دونالد ترامب، الذي عارض الاتفاق، الغاه في 2018، غير أن هذا الإلغاء تم بخلاف رأي الشركاء الاخرين من الغرب، وعليه فلم تكن العقوبات في مستوى كاف لشكل النظام. في عهد الرئيس بايدن وهن جدا الانفاذ وايران زادت تصدير النفط، أساسا الى الصين ومداخيلها كادت تعود الى ما كانت عليه في عهد الاتفاق.
في نيسان، بسبب الهجوم الإيراني السابق، فرضت عليها عقوبات أخرى استهدفت صناعة الصواريخ والمُسيرات، هذه المرة بمشاركة الأوروبيين. نجاح العقوبات ليس واضحا، وفي الأيام الأخيرة نشرت معلومات عن انه حتى شركات امريكية تبيع لإيران معدات ترتبط بالمُسيرات، على ما يبدو تحت غطاء مدني.
لكن النهج الأساس لزعماء أوروبا والإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة لم يتغير، وبموجبه فان الطريق لمنع القنبلة عن ايران هو من خلال الاتفاق وليس بضغط عسكري واقتصادي. الرئيس المنصرف بايدنه لم يعمل على محادثات مع ايران بشكل واضح، لكن المرشحة للرئاسة كمالا هاريس ستكون على ما يبدو قصة أخرى. مواقفها في الشؤون الخارجية ليست معروفة حقا باستثناء تصريحات إشكالية بعض الشيء في الشؤون الإسرائيلية عن الحرب في غزة. المعنى هو ان موقف وزارة الخارجية ومن سيعين ليكون على رأسها اذا ما انتخبت سيكون الموقف السائد.
ليس لهذا النهج في ايران نفسها الكثير من المشترين. سبب واحد هو ان الصين وروسيا، صديقتيها المقربتين تمنحانها شبكة امان اقتصادية، سوق لبيع النفط ومساعدة دبلوماسية وعسكرية. كما أن هذا هو السبب في انه لن يكون أي قرار ضد ايران في مجلس الامن.
ان المبنى المحافظ للغاية لحكومة بزشكيان الجديدة يشهد هو الاخر على ذلك. هذا المبنى كان السبب الرئيس لاستقالة نائب الرئيس مسعود جواد ظريف من منصبه. ظريف، الشخصية الايرانية السائدة في المفاوضات على الاتفاق النووي قبل عقد اشتكى من سوء تمثيل الشباب والنساء، لكن من خلف الكواليس توجد لاستقالته أسباب تتعلق بسياسة النووي. فهو يعتبر شخصية متصدرة للوصول الى اتفاق مع الغرب، لكن لا يشارك في هذا الخط، كما يبدو، المقرر الحقيقي والوحيد في ايران – الزعيم الروحي خامينئي.
الرئيس المنتخب بزشكيان يوجد على ما يبدو في الوسط. حسب منشورات في الصحف في الخليج، عارض الرد على تصفية هنية في المدى القصير على الأقل، وتحدث عن تأجيل الرد الى ما بعد عرض حكومته على البرلمان بعد أسبوعين.
في الحرس الثوري متحمسون للرد لاجل ترميم الصورة المتضررة، والحاكم خامينئي يؤيد هذا الموقف. الحل الذي يبحثون عنه كفيل بان يكون حدثا موضعيا استعراضيا في شكل ضربة لرمز سلطوي إسرائيلي او في سفارة في الخارج. إمكانية الهجوم الواسع هي الأخرى توجد على الطاولة الى جانب الشركاء حزب الله والحوثيين. لكنه يبدو اكثر كرفع عتب. في هذه الاثناء يحاول الإيرانيون التحدث عن نجاح في إبقاء إسرائيل في حالة تحفز، وفي وقف الرحلات الجوية لشركات طيران عديدة من والى إسرائيل.
*صحفي رئيس رابطة الصحافيين في القدس