إسرائيل اليوم: بين خيبة الامل الرهيبة والاشتباه العميق
إسرائيل اليوم 11/10/2024، يوسي بيلين: بين خيبة الامل الرهيبة والاشتباه العميق
في يوم الغفران، إياه أمسكت بي الصافرة في الفرصة التي بين نهاية الصلاة وبين تلاوة الآيات. سارعت لنتانيا، لتجنيد قائمة مجال الاحتياط الدائمة لدي، وبدأت بخدمة الاحتياط التي استمرت ستة اشهر.
كنت أصبحت راشدا، رب عائلة، أستاذا مساعدا في الجامعة، عضو في اسرة تحرير صحيفة “دافار” اليومية ومن يثق بزعمائه. الهدوء النسبي الذي نشأ منذ اتفاق وقف النار مع مصر، قبل ثلاث سنوات ذلك اقنعني بان العرب لا يريدون السلام، وان غولدا مائير تستميت حقا على السلام، وان موشيه دايان هو وزير الدفاع المطلق، وان المشكلة الديمغرافية التي ازعجتني منذ نهاية حرب الأيام الستة ستجد حلها حين يوافق الأردنيون على ان يستعيدوا معظم الضفة الغربية (التي فقدوها بهبلهم حين ارتبطوا بالرئيس المصري جمال عبدالناصر في الحرب ضدنا.
كانت هذه حربي الثالثة، والأولى التي كنت فيها في مقر القيادة وليس في الميدان. احد الفوارق هو أن في الميدان اذا لم تكن ضابطا كبيرا، ببساطة لا تكون لديك فكرة ما هي الخطوة التالية، والى أين يأخذنا قائد الوحدة، ولا حتى ما هو الهدف التكتيكي التالي. في مقر القيادة أنت ترى الخرائط الملفوفة بالنايلون والتي يشار فيها الى منظومات القوات وتسمع شبكات الاتصال. الصورة تنبسط امام عينيك. هذا غبي بعض الشيء. لكن ما صدمني، قبل كل شيء، كان تحطيم نظام الاتصال الذي درجنا على استخدامه كل السنين. فجأة بدأ القادة، الذين كانوا حذرين في اللاسلكي يتحدثون وكأنهم يتحدثون في هاتف مشفر. كان واضحا ان هذا الانتقال شهد على الضائقة والممضون كان رهيبا – دعوات، يائسة أحيانا، للمساعدة، شتائم ومسبات بين القادة الأكبر، واحساس خيبة امل رهيبة من الزعماء.
من ناحيتي كان هذا وداعا حادا للفرائض التي حافظت عليها. لم اعتمر كيبا ولم اطلع كل العالم العلماني الذي حولي بالحفاظ على هذه الفرائض، فمن علم – علم (مثلا، جيران الخيمة الذي رأوني دوما مع وعائين، واحد لبني وآخر لحمي). ودعت بشكل حاد الكنيس ولم اعد اليه الا لغرض طقوس عائلية أو لغرض تمثيل الدولة في الشتات. للزعماء الذين قدرتهم جدا قبل ذلك، واساسا غولدا مائير وموشيه دايان، لم اغفر، حتى اليوم، اعتداد الرأي وتفويت الامكانية للوصول الى سلام مع مصر، حتى دون حاجة للحرب الرهيبة إياها.
لكني لم اشك ابدا بان سياستهم المغلوطة كانت نتيجة اعتبارات غريبة. فلم أتصور أنه يحتمل أمر كهذا في إسرائيل. اعتقدت انهم لم يقرأوا الخريطة على نحو سليم وانهم كانوا واثقين جدا بحكمتهم وبتجربتهم، لكني لم اشك بدوافعهم في أنها ليست موضوعية.
الصدمة التي المت بالدولة في يوم العيد تترافق واحساس عميق – يجد تعبيره في الاستطلاعات أيضا – في أن خطوات سياسية، تنطوي على حياة الناس، تتخذ بدوافع غريبة. فالسلوك في مسألة المخطوفين، الموقف الذي لا يحتمل من عائلاتهم والمعارضة القاطعة لتشكيل ضروري للجنة تحقيق رسمية تخلق إحساسا عسيرا بدوافع غريبة. الوصول لادلاء الشهادة الى المحكمة بملابس رئيس الوزراء؟ عدم عرض أي افق سياسي هو وحده يمكنه ان يضمن شراكة دول عربية في إدارة وترميم قطاع غزة؟ ضياع مكانتنا في العالم كدولة ديمقراطية تحترم القانون. السماح للاقتصاد بالتدهور بحجوم لم نشهدها من قبل. الزام الأجيال التالية بدين قومي جسيم لاجل التضحية بالقرابين في الهيكل الذي سرعان ما سيقوم؟ من الصعب أن نعرف.
ان انعدام الثقة بالقيادة الحالية أخطر من الإحساس إياه، قبل اكثر من يوبيل من السنين، عندما فهمنا بان للثقة الزائدة بالنفس لدى الزعماء لا يوجد أساس، وان الثقة إياها قادتنا جميعا الى الهوة الرهيبة لحرب يوم الغفران. لكن الزعماء إياهم نظروا الى المرآة، ومع أن انتصروا في الانتخابات وكان يمكنهم أن يواصلوا مناصبهم، انصرفوا عن الساحة.