ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم– بقلم  يوآف ليمور – عودة الى موقف الانتظار

إسرائيل اليوم– بقلم  يوآف ليمور – 28/5/2021

” لاسرائيل مصلحة لتغيير هذا الواقع، ولكن فقط شريطة أن يكون الاعمار حقيقيا، اقتصاديا، في صالح المواطنين وليس في صالح الجهاد. في هذا ستختبر الالية التي ستقام، اذا ما اقيمت، والا ففي موعد ما ستسأنف النار. وحماس ستجد منذ الان الذريعة – في غزة، في القدس او في مكان آخر “.

       القتال في غزة وان كان  انتهى ولكن المعركة بين اسرائيل وحماس تتواصل  بكامل شدتها – بالكلام،  بدلا  من الصواريخ. 

       اسرائيل بدأت بالضجيج بعد لحظة من وقف النار، حين اطلقت رسالة تهديد مزدوجة لحماس: بان قادتها لا يزالون على بؤرة الاستهداف وسينظر في تصفيتهم لاحقا وانها لن  تتجلد بعد اليوم على خروقات “صغيرة” للتهدئة. كل اطلاق من غزة، كما اوضحت، سيرد عليه بقوة شديدة، ولا يهم اذا كان هذا قساما او بالونا، والى اين يطلق.

       سارعت حماس الى الرد. حتى يوم الاربعاء ظهر يحيى السنوار ثلاث مرات ولم يتوقف عن الحديث. شدد على أنه يفضل الموت كشهيد وليس بالكورونا، وكرر التزامه بالاقصى. “توقفوا عن اللعب بالنار”، حذر اسرائيل، بما كانت  محاولة لتثبيت الرواية التي تقول ان حماس هي درع المدينة، ومستقبل الحركة منوط بمستقبل المدينة.

       ينبغي النظر الى تصريحات السنوار بعدة طرق. اولا، سعى لان يطلق للفلسطينيين (وللمنطقة) بانه ليس مردوعا. بل العكس: انه المنتصر. غير أن ظهوره بينما طفل الى جانبه – مثابة درع بشري – يبث اساسا خوفا من تصفيته. في هذا الجانب، التهديد الاسرائيلي نجح؛ السنوار يتصرف كمطلوب. مشكوك انه سينزل الى الخندق لسنوات طويلة مثلما فعل حسن نصرالله بعد حرب لبنان الثانية، ولكن اذا كان يخشى على حياته على اساس دائم،  فهذه بشرى طيبة لاسرائيل.

       ولكن السنوار نقل في اقواله ايضا عدة رسائل يفترض فيها على الاقل أن تثير قلقا في اسرائيل. فالربط الذي اقامه في القدس (اقوال مشابهة منسقة،  اطلقها اسماعيل هنية ايضا من قطر) يشهد على أنه لا يعتزم افلات قبضته على المدينة. احد الاهداف المعلنة لحملة “حارس الاسوار” كان قطع هذا الارتباط بين غزة والاقصى؛ اما زعماء حماس فاوضحوا بان هذا الهدف لم يتحقق.

       لا يزال من السابق لاوانه ان نعرف ما هو المعنى العملي لهذا.؟ هل من الان فصاعدا كل حدث في الحرم او في شرقي القدس، غزة سترد، واذا ردت، فكيف وتبعا لذلك كيف سترد اسرائيل وكيف سترد حماس على الرد وهلمجرا. هذه دينامية حساسة للطرفين تجربة غنية فيها. صحيح ان اسرائيل اقسمت بان هذه المرة سيكون الامر مختلفا، ولكن هناك حاجة لقدر كبير من السذاجة كي نصدق ذلك.

       كما أن اسرائيل اقسمت بان هذه المرة لن تسمح باعمار القطاع دون حل مسألة الاسرى والمفقودين. وهنا ايضا مطلوب اختبار الفعل. التزامات مشابهة اطلقت في الماضي ايضا، بل غطاء. صحيح أن اسرائيل لم تحقق هدوءاً طويل المدى مع حماس، ولكن في نفس الوقت سمحت لها بان تتعاظم وتوسطت في نقل حقائب المال من قطر والتي كانت بكل بمعنى الكلمة مهرا لقاء الهدوء.

الجمود سيؤدي الى جولة اخرى

       في مسعى لان يبعد السنوار عنه حبة البطاطا الساخنة هذه، حمل اسرائيل الذنب في أن قضية شهيدي الجيش الاسرائيلي هدار غولدن واورون شاؤول والمواطنين ابرام منغستو وهشام السيد لم تحل حتى الان. فقد قال انه منظمته تقدمت في السنوات الاخيرة بجملة اقتراحات، عبر جملة وسطاء، ولكن هذا لم ينفع على حد قوله بسبب الوضع السياسي في اسرائيل.

       السنوار لم يكذب. فاسرائيل بالفعل رفضت مطالبهم التي تضمنت  تحرير عدد كبير من السجناء (بمن فيهم من قتلة). كان في اقواله هذا الاسبوع بشرى، ولكن خيبة أمل ايضا. بشرى في أنه مستعد ان يربط بين اعمار القطاع ومسألة الاسرى والمفقودين؛ وخيبة امل في أنه لن يتراجع عن مطالبته بتحرير السجناء.

       اذا اسر الطرفان على موقفهما فالمعنى العملي هو الجمود. وعلى فرض أن ايا منهما لن يلين في موقفه ففي موعد ما ستستأنف النار. ستنتظر حماس المال او الاسمنت او كليهما، وعندما لا تتلقاهما سترخي اللجام. في اسرائيل مصممون “على اعطائها على الرأس” بشكل غير متوازن. ولكن الواقع اكثر تعقيدا. فمن اللحظة التي تشارك فيها الولايات المتحدة، مصر، الامم المتحدة وقطر في المسألة سيصعب على اسرائيل الهجوم المتجدد على غزة.

 في اسرائيل يتطلعون بان يربطوا كل ت قدم ايضا بمنع التعاظم المتجدد لقوة حماس. والمطلب الرسمي سيكون تجريد القطاع ولكن واضح في القدس انه ليس واقعيا. اما تعاظم القوة، بالمقابل، فيمكن منعه، او تقليصه على الاقل. مصر يمكنها ان تقيد ما يمر في رفح، واسرائيل – في كرم سالم. والمشاريع ايضا سشترط بان تتم بآليات تضمن الا يترجم المال او الوسائل الى حفر انفاق او انتاج صواريخ. أوضحت قطر بانها ستخصص نصف مليار دولار لاعمار القطاع. ليس واضحا متى سيصل هذا المال.  كيف وفي كم من الوقت. حتى بعد حملة الجرف الصامد تلقت حماس وعودا بمليارات الدولارات لكن الواقع تركها وهي تتسول. لاسرائيل مصلحة لتغيير هذا الواقع، ولكن فقط شريطة أن يكون الاعمار حقيقيا، اقتصاديا، في صالح المواطنين وليس في صالح الجهاد. في هذا ستختبر الالية التي ستقام، اذا ما اقيمت، والا ففي موعد ما ستسأنف النار. وحماس ستجد منذ الان الذريعة – في غزة، في القدس او في مكان آخر.

استمرار الردع والاحلاف السرية

يوم الثلاثاء  القادم سيدخل دادي برنيع مكتب رئيس  الموساد، وهذه المرة كالمدير العام كما يسمي عاملو الجهاز زعيمهم. اسم يوسي كوهن سيضاف الى العصا التي توضع بشكل دائم في الغرفة المجاورة لمكتب الزعيم مقابل خزانة الكتب التي تخزن فيها بضع زجاجات ويسكي فاخر. شهد هذا المكتب في السنوات الاخيرة كثيرا من الزوار مما في كل سنوات الجهاز. خيرا كان أم شرا، كان كوهن رجلا مضيافا. كان يحب أن يستضيف الناس ان يلعب بهم  وان يبني من خلالهم الجهاز ونفسه ايضا. من هذه الناحية لا مثيل له ولن يكون مثيل له.

اما برنيع فهو صنف آخر من الناس، والموساد تحت قيادته سيعود الى الظلال. من الصعب ان نفوت تنفس الصعداء للكثير من موظفي المكتب. فقد كان الاستعراض العلني لهم في السنوات الاخيرة غريبا عليهم وشعر بعضهم بان هذا تدنيس للقدسية.

ولكن الاختبار الحقيقي لبرنياع سيكون في مجالات اخرى: العملياتي، السياسي والداخلي. في الاول، سيتعين عليه أن يحافظ على النشاط في منطقة متغيرة وبكثير من المعاني اكثر تعقيدا (مع اتفاق نووي كفيل بان يقيد اسرائيل، ولكن مع ايران اكثر طموحا تخلق تحديات في الغالب، وليس فقط هي). الثاني، سيكون مطالبا بان يواصل تطوير تحالفات حميمة، سرية، لاسرائيل في المنطقة، ومع شركائها في الغرب. وفي الثالث يتعين عليه أن يجد السبل للحفاظ على الاخيار في الموساد – في العمليات وفي الاستخبارات وبالاساس في التكنولوجيا.

حتى منتقدي كوهن يعترفون بانه في السنوات الخمسة والنصف لولايته تعاظم ردع الموساد. غير مرة اعتبر كلي القدرة. من هو مطلع على التفاصيل يعرف بان الواقع اكثر تعقيدا وان الحظوة بعيد لان تكون لرجل واحد. فهذه سلسلة طويلة من المدراء والموظفين (وفوقهم الزعماء) الذي يقرون وينفذون العمليات على مدى سنين والتي بعضها فقط تنضج وبعضها فقط  تلقى العلنية.

برنياع سيكون مطالبا بان يواصل هذا البناء. ان يزرع في الاماكن الصحيحة كي يتمكن من الحصاد عندما يحل الاوان. وهو يتطلع لان يكون هناك رئيس وزراء يسمح بعمله ولكن بطريقة تمكنه من ان يعمل بانسجام مع باقي اذرع الامن والاستخبارات. فالتعاون الممتاز بين الجيش والمخابرات في المعركة الاخيرة في غزة بين ان هذا مضاعف هام للقوة؛ امام التحديات التي تقف امامها اسرائيل وايران على رأسها– لن يكون لاسرائيل ترف حروب اليهود.  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى