إسرائيل اليوم – بقلم عوديد غرانوت – ليس ما يدعو الى رد اليد الممدودة من أنقرة
إسرائيل اليوم– بقلم عوديد غرانوت – 27/12/2020
“لإسرائيل، رغم تجربة الماضي السلبية مع اردوغان ومع مواقفه المتطرفة لا يوجد ما يدعو الى رد اليد الممدودة من أنقرة، وان كانت هذه بادرة طيبة تكتيكية، يمكنها بسهولة ان تنقلب مرة أخرى “.
روى الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في نهاية الاسبوع للصحافيين بانه يريد تحسين العلاقات مع اسرائيل. ومع أنه في هذه المرة ايضا تكبد عناء انتقاد المعاملة للفلسطينيين ولم ينسَ ذكر علاقاته الباردة مع نتنياهو، الا انه في نفس الوقت حرص على أن يبشر بان العلاقات الاستخبارية بين الدولتين تتواصل كالمعتاد.
منذ بضعة اسابيع تهب نحونا رياح المصالحة في انقرة. وهي تبرز في المحادثات السرية التي تجري بين رئيس الموساد يوسي كوهن وبين نظيره التركي هكان فيدان الذي حسب الانباء زار اسرائيل الاسبوع الماضي وتجد تعبيرها ايضا في المقالات والمحادثات الخلفية لمقربين من القصر الرئاسي التركي.
هبطت مؤخرا هنا ايضا رسالة متفائلة من رئيس اذربيجان الهام الياف. وقد حصل هذا بعد أن ربط اسم اسرائيل في الاعلام الدولي في سياق واحد مع اسم تركيا كمن ساعدتا الاذريين بالطائرات المسيرة، بالسلاح وبالعتاد العسكري لتحقيق النصر على الارمن في الحرب على منطقة النزاع في نغورنو كراباخ. الرئيس الاذري الممتن، هرع لان يتوسط بين الصديقتين الكبيرتين وبلغ القدس بانه “يوجد ما يمكن الحديث فيه”. يمكن الثقة بالنية الطيبة من جانب الياف لتنسيق البث بين حليفتيه، ولكن يمكن بل ويجدر الشك في طهارة نوايا اردوغان والتشكيك اذا كان بالفعل قد اصيب بندم حقيقي على تدهور العلاقات مع القدس حتى بعد أن تلقى الاعتذار والتعويض على حادثة مرمرة.
قبل نحو سنتين فقط عاد وطرد سفير اسرائيل من أنقرة واعاد سفيره من تل أبيب احتجاجا على احداث في الحرم وعلى نقل السفارة الامريكية الى القدس، و منذئذ لم يوفر ايضا عنا انتقاداته.
ان التفسير للانعطافة الجديدة، المزعومة، من جانب اردوغان، الذي تفيد بعض الانباء بانه قرر تعيين افق اولوتاش، رئيس دائرة البحوث في وزارة الخارجية القطرية والناطق بالعبرية بإثر دراسته في الجامعة العبرية، في منصب السفير القادم في اسرائيل – ينبغي ان نبحث عنه في الازمات التي يعيشها الان الرئيس التركي في الخارج وفي الداخل.
في الجبهة الداخلية يوجد تدهور متواصل في الاقتصاد التركي، تحطم لليرة، وبالمقابل تعزيز قوة المعارضة لحكمه من جانب حزب الشعب الجمهوري الذي اصبح مؤخرا اكثر صخبا واقلاقا من الماضي.
في المجال الخارجي علق في عزلة جديدة. فسياسته العدوانية تجاه اليونان وقبرص حول تنقيبات الغاز في الحوض الشرقي للبحر المتوسط ادت الى نزاع حاد بينه وبين الاتحاد الاوروبي بما في ذلك تبادل المناوشات اللفظية مع الرئيس ماكرون والتهديدات بالعقوبات التي ستفرض عليه لاحقا. وفاقم تدخله العسكري في الحرب الاهلية في ليبيا في صالح احد الطرفين صدامه مع اتحاد الامارات، مصر والسعودية التي تدعم الطرف الاخر وقراره ان يشتري من روسيا منظومة الدفاع الجوي المتطور من طراز S-400جره الى مواجهة مع الكونغرس الأمريكي الذي يطالب بتشديد العقوبات التي سبق أن فرضت عليه من جانب الإدارة.
عندما يكون اردوغان في ورطة فانه يحتاج لإسرائيل. وهو يؤمن بانه مقابل إعادة العلاقات الى سابق عهدها وان كان بشكل مؤقت، ستعمل إسرائيل على اقناع الرئيس الوافد جو بايدن ليتجاهل توصية مستشاريه ومنهم وزير الدفاع السابق روبرت غيتس لمضاعفة العقوبات على تركيا لانها تعمل ضد مصالح الولايات المتحدة والناتو.
وعلى الطريق يعرض علينا أيضا الان فرصة تجارية: التخلي عن مشروع (ايست مد) المتعلق بتمديد أنبوب غاز الى أوروبا عبر كريت، قبرص وإيطالياوالارتباط بانبوب الغاز التركي (“هذا سيكلفكم اقل بكثير”).
لإسرائيل، رغم تجربة الماضي السلبية مع اردوغان ومع مواقفه المتطرفة لا يوجد ما يدعو الى رد اليد الممدودة من أنقرة، وان كانت هذه بادرة طيبة تكتيكية، يمكنها بسهولة ان تنقلب مرة أخرى. ومع ذلك، من المهم الايضاح للزعيم التركي بان تحسين العلاقات لن يتم باي حال بثمن، وليس باي حال قبل ان يغلق مكاتب حماس في تركيا التي تشكل القيادة الأساس لتوجيه وتفعيل خلايا الإرهاب في يهودا والسامرة.