إسرائيل اليوم– بقلم ايال زيسر – حيال تركيا أيضا، المصالح تتحدث
إسرائيل اليوم– بقلم ايال زيسر – 21/12/2020
“ في العالم العربي غير مستعدين لان يسمعوا عن تركيا، اما مع اوروبا فوصلت انقرة الى حافة المواجهة العسكرية في مياه البحر المتوسط، والان تمد اليد لاسرائيل، وعلى الاخيرة الا تتجاهل هذه اليد. فالعلاقات في النهاية تقوم على اساس المصالح“.
وصل الربيع هذه السنة الى أنقرة في وقت مبكر اكثر مما كان متوقعا. نغمات جديدة، لطيفة على الاذن الاسرائيلية، تنطلق في الاسابيع الاخيرة من العاصمة التركية، ويبدو ان من تحت السطح – ولا سيما من تحت الرادار الاعلامي – يطرأ تحسن في العلاقات المجمدة بل والمعادية التي سادت بين الدولتين في العقد الاخير.
اتفاق السلام بين اسرائيل والمغرب استقبلته تركيا بالترحاب، وعلى الاقل لم تسارع الى شجبه مثلما فعلت قبل نحو ثلاثة اشهر عندما قررت اسرائيل والامارات تطبيع العلاقات بينهما. فقد أعادت تركيا في حينه احتجاجا سفيرها من ابو ظبي، أما الان فهي تعتزم بالاجمال تعيين سفير تركي جديد في اسرائيل، فترفع بذلك مستوى العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين والذي كانت خفضته قبل سنتين، في ايار 2018، في اعقاب الاضطرابات قرب الجدار الحدودي مع قطاع غزة. في حينه حتى اردوغان كتب في حسابه على التويتر ان لاسرائيل “دم فلسطيني على يديها”، واوصاها بان تتعلم درسا في الانسانية من الوصايا العشرة.
في الشهر الماضي بعث اردوغان بمقربه، رئيس اجهزة المخابرات التركية، هكان فيدان، بزيارة سرية الى اسرائيل. وبالتوازي تبدي شركة كبرى تركية اهتماما في العطاء لخصخصة ميناء حيفا، وفي الاعلام التركي تطلق نداءات للدولتين للدفع الى الامام باتفاق مشترك يضمن لهما الملكية على مياه البحر المتوسط ولا سيما على حقول الغاز فيها. وكما يذكر، في حينه فحصت اسرائيل امكانية ان يضخ الغاز من اسرائيل الى اوروبا عبر تركيا، ولكن الاتراك احبطوا الخطوة عندما اعلنوا بان “دم الفلسطينيين غالٍ عليهم اكثر من الدولارات التي يمكن الحصول عليها من مثل هذه الصفقة”.
لقد تغيرت النغمات في تركيا، وواضح للجميع ان هذا ما كان ليحصل لولا مصادقة بل ومباركة اردوغان. لقد سبق أن قيل عن الرئيس التركي انه لا يعرف كيف يحفظ فمه، وان كان يجدر الاعتراف بان ثمة منطقا في الجنون. فتصريحاته الاستفزازية – تارة ضد اسرائيل، تارة اخرى ضد اوروبا وتارة ضد الولايات المتحدة –تستهدف خدمة مصالحه السياسية الداخلية. ولكن في كل ما يتعلق بالافعال، حرص اردوغان دوما على أقصى الحذر. والدليل هو أنه حرص الا يؤدي الى قطيعة تامة في العلاقات بين الدولتين. وبشكل غير مفاجيء، زاد حتى حجم التجارة بين تركيا واسرائيل، وازدهرت علاقات الطيران والسياحة.
والان، يبدو أن اردوغان قرر رفع السرعة. والخلفية هي بالطبع الضائقة السياسية والاقتصادية التي علقت فيها تركيا مع كل جيرانها. ففي العالم العربي لم يعودوا مستعدين للسماع عن تركيا. اما مع اوروبا فقد وصلت انقرة الى شفا المواجهة العسكرية في مياه البحر المتوسط.
ومن فوق يحوم ظل الرئيس الامريكي المنتخب، جو بايدن، الذي لا يخفي ما لديه انتقاد على اردوغان.
اما اسرائيل، من جهتها، فلا تحتاج لان تتجاهل يد تركيا الممدودة. فبعد كل شيء، في الشرق الاوسط تقوم العلاقات دوما على المصالح، ومن الافضل الحديث بل والتعاون على المواجهة والعداء. فضلا عن ذلك، فان تركيا ليست عدوا لاسرائيل. هي توجد في منافسة معها. وبين الدولتين توجد خصومة وتوتر. ولكن ليست ضرورة ان تتطور هذه الى مواجهة جبهوية مباشرة. وفي نفس الوقت ينبغي الحذر من حالة النشوى؛ فبعد كل شيء، هذا حلف مصالح. الحب الكبير ليس قائما ولن يكون بيننا وبيناردوغان.