ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم – بقلم  ايال زيسر – البدو في النقب: فرصة أخيرة

إسرائيل اليوم – بقلم  ايال زيسر – 16/1/2022

” سياسة تدمج انفاذ القانون واقامة الحوكمة، الى جانب اعطاء جواب حقيقي للضائقة الاقتصادية والاجتماعية للسكان البدو، هي الحل “.

في بداية الخمسينيات كان عدد السكان البدو في النقب اكثر من 10 الاف بكثير. أما اليوم، بعد 70 سنة، يبلغ عدد البدو في النقب نحو 300 الف نسمة. الى جانب التسلل الى اراضي الدولة، ولا سيما سنوات ما بعد قيامها، فان هذا النمو غير المفهوم هو نتيجة زيادة طبيعية استثنائية وغير مسبوقة، حتى بتعابير شرق اوسطية لسكان يضاعفون انفسهم كل 15 سنة. 

في العام 1951 كان عدد البدو يبلغ 12.700 – بعد 20 سنة في 1970، بلغ عددهم 25  الف تقريبا. في 1980 بلغ 37 الف وفي 2000 بات 120 الف. اما اليوم فهو يبلغ كما اسلفنا نحو 300 الف نسمة.

لقد أتاحت حكومات اسرائيل بل وشجعت التكاثر الطبيعي، وهو بالتالي من فعل ايديها للتفاخر به. فقد سمحت بتعدد الزوجات، والذي في اطاره يمكن للرجل أن يتزوج عدة نساء، كما سمحت بزواج البدو الاسرائيليين بنساء، وفي واقع الامر بفتيات، من غزة ومن جبال الخليل، والتي يبلغ فيها المهر مبالغ زهيدة جدا. واخيرا منحت مخصصات اطفال سخية شجعت الخلايا الاسرية التي تضم رجلا، بضع نساء وعشرات الاطفال ممن يعتمدون على المخصصات من الحكومة. لا غرو ان تقليص مخصصات الاولاد في نهاية العام 2002 ادى  الى انخفاض كاسح في الولادة في اوساط البدو – من عشرة اولاد للمرأة الى خمسة. 

اسرائيل ليست الدولة الوحيدة في المنطقة التي تتصدى للتحدي الذي هو في جوهره ديمغرافي، وان كان يتداخل فيه التوتر الذي بين السكان الروحل، الذين يميلون الى التمرد وتنفيس الحمل، وبين الدولة الحديثة، التي تصارع لان تبسط عليهم إمرتها وتدمجهم في نسيج الحياة فيها. هكذا في سوريا، حيث شاركت القبائل البدوية مشاركة نشطة في الاحتجاج الذي نشب في الدولة في العام 2011 ضد النظام السوري، وهكذا ايضا في الاردن حيث وان كان البدو هم العامود الفقري للنظام الهاشمي، الا انهم اثاروا في العقود الاخيرة المرة تلو الاخرى الاضطرابات احتجاجا على وضعهم الاقتصادي.

مثل دول اخرى في المجال، فشلت حكومات اسرائيل في التصدي للمجتمع البدوي في النقب. فهي لم تنجح، ولعلها مهمة كاسرة منذ البداية، في ان توفر حلولا سكنية، اماكن عمل وقبل ذلك أن تقيم جهاز تعليم يدفع بابناء البدو الى الامام ويخرجهم من دائرة الفقر والجهل. وذلك قبل أن نذكر انعدام الحوكمة وانعدام تواجد محافل انفاذ القانون. 

يخيل أن موشيه آرنس فقط، في مناصبه المختلفة، ومنها وزير الدفاع، انصت الى الاصوات من الميدان ومنذ الثمانينيات والتسعينيات روج  لدمج البدو في المجتمع ودعا ايضا الى تجنيدهم للجيش الاسرائيلي. غير أن هذا كان صوت نداء في صحراء إذ ان شيئا لم يحصل. وفي هذه الاثناء ترك البدو لمصيرهم تحت تأثير الحركة الاسلامية، ولا سيما الجناح الشمالي الراديكالي، كما تبنوا هوية فلسطينية كانت غريبة عليهم عندما اقيمت الدولة. وهكذا من لم يفتح رياض اطفال وصفوف تعليم، من  لم يحرص على اماكن عمل وسكن، ومن لم يكبد نفسه عناء اقامة حوكمة وتواجد لمؤسسات الدولة في النقب – يحصد اليوم العاصفة.  

ولكن لا حاجة لرفع الايدي. فسياسة تدمج انفاذ القانون واقامة الحوكمة، الى جانب اعطاء جواب حقيقي للضائقة الاقتصادية والاجتماعية للسكان البدو، هي الحل. غير أنه انقضى زمن التصريحات العالية والحازمة وخطط الاحتياط  التي لا تخرج الى حيز التنفيذ. حان وقت الافعال، قبل أن يفوت الاوان. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى