ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم– بقلم الداد باك – مشعل الحرائق من أنقرة

إسرائيل اليوم– بقلم  الداد باك – 1/11/2020

منذ صعود اردوغان الى الحكم قبل 17 سنة، ينشغل في اشعال الحرائق، بإسم وبخدمة الاسلام المتطرف الذي يمثله. وتجاهل طبيعته المحبة لاشعال النيران سمح له بتثبيت مكانته السياسية في تركيا وفي الشرق الاوسط، وفي  كل مرة يثور فيها تهديد ما على استقرار حكمه، يشعل النار في اماكن اخرى “.

طريق المسلمين المتطرفين لفرض الارهاب  كوسيلة لتحقيق  مساعيهم في السيطرة على العالم – وفي نفس الوقت ليعرضوا أنفسهم كضحايا الاضطهاد، تغطية على كونهم مصدر العنف المتصاعد في العالم – وجد تعبيره بالشكل الاوضح في المواجهة الحالية بين “العالم الاسلامي” وفرنسا. فقد شرع الرئيس التركي ورجل الاخوان المسلمين رجب طيب اردوغان بحملة هلالية ضد نظيره الفرنسي عمانويل ماكرون. وهو يتهم فرنسا ورئيسها بالتمييز ضد المسلمين وملاحقتهم على نحو يشبه على حد قوله ملاحقة اليهود في اوروبا قبل الكارثة. كمن توج نفسه باثر  رجعي  كـ “سلطان المؤمنين الجديد” يقف اردوغان على رأس الداعين الى مقاطعة المنتجات الفرنسية، كرد على المس بكرامة النبي محمد وكرامة مليار ونصف مؤمن يؤمنون به. وسارعت ايران الى الانضمام الى الهجمة على ماكرن وفرنسا وفي اعقابها ايضا الكويت، الاردن وبشدة اقل السعودية ومصر ايضا.
الذريعة للحملة المناهضة لفرنسا هي ظاهرا التصريحات التي اطلقها ماكرون للاحتفال بذكرى المعلم صموئيل باتي، الذي قطع رأسه لاجيء شيشاني شاب بعد ان عرض في درس عن حرية التعبير بضعة كاريكاتيرات موضع خلاف عن النبي محمد، كانت نشرت في المجالة الازلية النقدية “شارلي إبدو”. قبل خمس سنوات، كما يذكر ذبح اسلاميان فرنسيان 12 من عاملي الصحيفة ردا على كاريكاتيرات مشابهة. هذه المذبحة واعمال ارهابية اخرى ارتبطت بها تقف الان في لباب محاكمة استعراضية تجرى في باريس. من المهم عرض الامور كما هي: القتل الحيواني لباتي هو المشكلة، وليس الردود عليه. وقلب الامور في عرض ردود الافعال على القتل كمسبب للتطرف من جانب المسلمين هو تشويه مجرم للواقع، هدفه حرف النقاش عن جذور الشر.

متلاعب شرير وخطير كاردوغان فقط يمكنه أن يجعل الخطاب المؤثر لماكرون في مهرجان الذكرى ذريعة لمواجهة على كرامة الانسان. لم يكن في كلام الرئيس الفرنسي اي كلمة تبرر اشعال نار التحريض من جانب اردوغان. فقد دافع ماكرون بمشاعر قوية عن قيم الحرية، التي تقبع في اساس الجمهورية الفرنسية. ليست هذه الاقوال هي ما ازعج اردوعان بل حقيقة أنه قبل اسبوعين من القتل الرهيب لباتي بدأ ماكرون يعمل على مشروع قانون يستهدف مكافحة الاسلام السياسي والاسلام المتطرف في فرنسا. والتنديدات الصريحة التي اطلقها ماكرون على القتل البربري والقاء المسؤولية على الاسلام المتطرف، أشارت الى تصميم ماكرون على التضييق على حرية العمل الكبرى التي يتمتع بها المسلمون المتطرفون في فرنسا. وثمة من يقول ان هذا التصميم يأتي متأخرا جدا، ولكن ردود اردوغان الهستيرية تشهد على أن “السلطان من أنقرة” يشخص في  تغيير السياسة الفرنسية تهديدا على قدرة تأثير محافل خارجية مثله على الجاليات الاسلامية في اوروبا.

منذ صعوده الى الحكم قبل 17 سنة، ينشغل اردوغان في اشعال الحرائق، باسم وبخدمة الاسلام المتطرف الذي يمثله. وتجاهل طبيعته المحبة لاشعال النيران سمح له بتثبيت مكانته السياسية في تركيا وفي الشرق الاوسط، وفي  كل مرة يثور فيها تهديد ما على استقرار حكمه، يشعل النار في اماكن اخرى. والان، يتدخل في القتال في سوريا، في ليبيا، في نجورنو كرباخ، في التوتر البحري مع اليونان وقبرص، ويهدد بان يستأنف في كل لحظة بضخ “اللاجئين” الى اوروبا. ينبغي الامل في أن يكون الاوروبيون فهموا أخيرا مع من يتعاملون، وكيف ينبغي لهم أن يتصدوا له.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى