ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم– بقلم اسحق دهان – عذابات السلام لمعسكر السلام

إسرائيل اليوم– بقلم  اسحق دهان – 16/12/2020

من اقسم الولاء لرؤيا السلام في التسعينيات يستصعب وداع ايمانه. كيف يستطيب قهوة الصباح عندما تصرخ عناوين الصحف بان مبشر السلام هو اليمين “.

في أواخر التسعينيات، عندما اتضحت الثغرات التي في اتفاقات اوسلو سعى معسكر السلام لتعميق التأييد الجماهيري له من خلال فعل استكمالي يعطي اسنادا للفكرة الآخذة في الانقطاع عن الواقع. وتجمع الجميع حولك: معاهد التفكير، منح البحث، الادب، الصحافة، الاكاديميا؛ وقد سوق هؤلاء المنتج للشعب بتبريرات جوهرية: اذا واصلنا الابقاء على المناطق في ايدينا، فسيأتي هذا على حساب اتفاقات السلام، اي على حساب النمو الاقتصادي والرفاه. وثيقة لـ “مجلس السلام والامن”، وضعها ضباط كبار في 2012 قضت بان: “مشروع الاستيطان لا يعزز الامن القومي لاسرائيل، يمس بالمكانة الدولية وبالحصانة الاجتماعية ويشكل حاجزا مركزيا في وجه التقدم نحو التسوية السياسية”. وقد كتبت هذه الامور بعد وقت طويل من اوسلو وفك الارتباط؛ فعل ايدي غارقين في البحر ويواصلون الغناء. لنعلمك الايمان ما هو.

تلقي اتفاقات السلام الاخيرة على معسكر السلام بضوء اشكالي وتصدح اسئلة محرجة: كيف سنظهر نحن الجنرالات امام الجمهور على مدى السنين وقد قلنا ان بوابة الدخول الى العالم العربي توجد في رام الله، بينما  يتبين الان  بان  الاولياء  سيأتون منه في الدار  البيضا، في واشنطن وفي  الرياض؟ كيف سنشرح بان  النمو الاقتصادي متعلق بالانسحاب بينما اتفاقات السلام الاخيرة لم تشترط بتنازلات اقليمية؟ كيف يحتمل أن اليمين بالذات، الذي  وصفناه باهانة كمن الى الابد ستبقى الحراب يحمل في فمه  غصن الزيتون. كيف  نواصل  تصنيف انفسنا كمعسكر السلام بينما من يدفعه الى الامام عمليا هو الليكود؟  الى اين نخفي العار؟!

من يتعين  عليه ان يرد على الاسئلة هم  مبشرو “السلام بأنفسهم”، وهنا تكمن مشكلة غير بسيطة. فالنظرية الدارجة في علم النفس تقول انه عندما يصفعنا الواقع على وجوهنا نجدنا مضطرين لان ندخل في حالة من الانكار تأتي بعدها الصحوة التدريجية. ولكن من اقسم الولاء لرؤيا السلام في التسعينيات، سيجد صعوبة في أن يودع ايمانه. والصحوة  هي  خطوة أليمة.  كل شيء  ينهار.   كيف ستروق  لي  قهوة الصباح عندما تبلغ عناوين الصحف بان مبشر  السلام هو بالذات نتنياهو.  هذه بالضبطهي النقطة التي ينشأ فيها الفعل (الجيل 2.0) لتقنية التملص وخلق روايات كاذبة تنزلق كالزيت السميك على العظام الجافة لخائبي الامل.

احد الاساليب هو من خلال نسب نجاح الخصم لظروف خارجية، وليس لخطط او لفكر الزعيم. وحسب هذا الاسلوب، علق نتنياهو بالصدفة في مفترق تاريخي – سياسي احسن له: عداء ايران للسعودية ولحلفائها اضافة الى روافع السيطرة الامريكية برئاسة ترامب دفعت الدول العربية نحو اذرع اسرائيل. بهذه الروح شددت  سيدة محترمة (جدا)  من معسكر السلام قبل نحو اسبوع فقالت: “نتنياهو لم يصنع السلام، بل  تلقاه”؛ وبهذه الصفة اقترحت تسمية ترامب بانه “حمار  السلام”، بهذا الشكل المتنكر  لا يضعضع أسس معتقده، وان هذا هو استمرار طبيعي لوصف الانتخاب الديمقراطية لنتنياهو او لترامب كـ “حادثة تاريخية”.

المشكلة الجوهرية مع تأطير تحليلي كهذا هو اخراج عنصر الزعامة – الشخصية، الاخلاق والتقاليد من الساحة السياسية، وهي تجبي ثمنا باهظا في شكل خصي  تفكير المواطنين. هكذا مثلا، في  مقالته يوم الجمعة الماضي نسب ناحوم برنياع استعداد المغرب للسلام الكامل مع اسرائيل لظروف جغرافية – سياسية مغربية داخلية (الصحراء الغربية، موريتانيا وما شابه) ولتبرير موقفه استخدم برنياع مفاهيم غامضة تعفي اللاعبين من الاعتبارات الثقافية مثل “الزوجة العرفية” و “العشيقة”.

ظاهرا منطقي، اما عمليا فمشوه. ولاجل اثبات هذا سنكتفي بمثال واحد. في نظرة واقعية سياسية، فان موافقة الامارات على السلام مع اسرائيل تنبع بالفعل من عنصر خارجي (ايران). ولكن اندفعوا نحو اسرائيل؟ لان اسرائيل  تعتبر قوية: تصميمها في استخدام قوات الامن بتعاون امريكي في العقد الاخير جعل اسرائيل قوة عظمى من المجدي عقد الصفقات معها. مصالح؟ بالتأكيد، ولكن ثقة ايضا: فكرة “اليمين” في أنه من أجل احباط مؤامرة العدو علينا أن نضربه هي مثابة ايمان. وكذا فكرة معسكر السلام في أنه من اجل الخلاص للمجتمع يجب مصالحة العدو (من خلال  تسليم المناطق مثلا) هي مثابة ايمان. من يؤمن لا يخاف، ولكن حتى حدود معينة، وهذه هي اختبار الحقائق والواقع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى