إسرائيل اليوم: بعد 600 يوم من الحرب الرئيس ترامب الذي سيقرر موعد وشروط نهايتها

إسرائيل اليوم 3/6/2025، ايال زيسر: بعد 600 يوم من الحرب الرئيس ترامب الذي سيقرر موعد وشروط نهايتها
في 10 حزيران 1967 وصلت حرب الأيام الستة الى نهايتها. حرب متوجة بانجازات وانتصارات غيرت وجه دولة إسرائيل والشرق الأوسط. في ذاك اليوم سيطرت قوات الجيش الإسرائيلي على هضبة الجولان، وصلت الى قناة السويس وأنهت احتلال يهودا والسامرة، بما في ذلك القدس الشرقية والحرم فيها.
لقد كان النصر الإسرائيلي واضحا وحاسما، وكان الحكام العرب اول من اعترفوا علنا بهزيمتهم واوقفوا النار في الخطوط الجديدة التي انتشر الجيش الإسرائيلي على طولها.
وها نحن بعد اقل من ثلاثة أسابيع من انتهاء الحرب وتحقق النصر وجدنا ان المصريين استأنفوا النار، اجتازوا القناة وهاجموا استحكامات الجيش في الجانب الإسرائيلي منها. بعد بضعة اشهر من ذلك تمكنوا من اغراق بارجة “ايلات”. هكذا بدأت “الحرب ما بعد الحرب”، والتي عرفت لاحقا باسم “حرب الاستنزاف”. بعد بضعة أسابيع من ذلك استأنف السوريون النار في هضبة الجولان، وهكذا جررنا الى حرب طويلة ومضرجة بالدماء سقط خلالها اكثر من الف جندي إسرائيلي. حرب الاستنزاف شكلت مدماكا هاما للعرب في بناء قوتهم واستعدادهم العسكري لحرب يوم الغفران.
حتى حرب يوم الغفران يجدر أن نتذكره كانجاز عسكري مبهر. لقد نجح الجيش الإسرائيلي في الانتعاش من المفاجأة التي تعرض لها، صد هجوم العدو والسيطرة على أراضيه. غير أن هنا أيضا لم يحقق وقف النار الهدوء، اذ ان السوريين استأنفوا القتال الى أن وُقعّ في أيار 1974 اتفاق فصل القوات في جبهة الجولان.
عمليا، المرة الوحيدة التي انتهى فيها نزاع عسكري بهدوء تواصل حتى اليوم هو عندما وقع مناحم بيغن على اتفاق سلام مع مصر. وشرح بيغن لمنتقديه بان “مصاعب السلام افضل من عذابات الحرب”، وبالفعل حقيقة هي ان الحدود المصرية، التي كانت حدودا شكلت لها تهديدا وجوديا على مدى الـ 25 سنة من استقلالها، أصبحت بجرة اتفاق سياسي حدودا هادئة.
يعلمنا كل هذا بان النصر في الحروب الإسرائيلية – العربية ممكن وقابل للتحقق وكفيل بان يجلب معه مكاسب هائلة لدولة إسرائيل. لكن لا يدور الحديث في أي مرة عن “نصر مطلق” الذي هو مثابة شعار لا يوجد وراءه شيء. الحكمة هي أن نفهم ما يمكن وما لا يمكن تحقيقة، واساسا الحفاظ على ثمار انتصاراتنا. المثال الواضح على ذلك هو حرب الاستقلال. هذه الحرب كانت الأطول والاصعب في حروب إسرائيل. نجح الجيش الإسرائيلي في هزيمة عرب بلاد إسرائيل والجيوش العربية التي اجتاحت كي تساعدهم، وانجازاته أدت الى انعطافة إقليمية وديمغرافية تاريخية.
لكن الحرب انتهت بنصر مطلق، إذ انه عندما وقعت اتفاقات الهدنة بقيت غزة تحت سيطرة مصرية، الجيش الأردني تحكم بالحرم وبشرقي القدس، والسوريون انزلوا اقدامهم في بحيرة طبريا.
لكن لإسرائيل كان في حينه دافيد بن غوريون. زعيم حقيقي، اعظم من قام لنا وقاد الدولة الى الانبعاث والنصر. عظمته كانت في معرفته متى يتوقف. فقد فهم بانه توجد نقطة يكف فيها استمرار القتال عن خدمة اهدافنا القومية بل ويمكنه أن يقضم من انجازاتنا. ولهذا فقد أوقف القتال ومنح الأولوية لاعادة بناء الجيش، بناء المجتمع والاقتصاد واستيعاب الهجرة. كل هذا كان النصر الثاني في الحرب “المطلق” اكثر من سابقه.
لا تحتاج الحكومة الحالية أن تخترع شيئا او ان تعنى بمناورات تفكير استراتيجية، اذا كان الامر يتجاوز قدرتها. كل ما تحتاج ان تفعله هو ان تسير في اعقاب الحكومات السابقة. فهذه عرفت متى تقول كفى، وكيف تحافظ على النظر وتحقق مكاسبه بل وامتنعت عن تسويق أوهام وكأنه في النزاع الذي نعيشه توجد انتصارات مطلقة.
في الأسبوع الماضي أحيينا 600 يوم على الحرب في غزة، وواضح أنه رغم انجازاتنا نصر مطلق لن يكون فيها. في اقصى الأحوال “نصر مطلق” للرئيس ترامب الذي سيقرر موعد وشروط نهايتها. ومن لا يتعلم من التاريخ من شأنه أن يجد نفسه “يأكل السمك الفاسد ويطرد من المدينة”.