ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: بدأ عهد ترامب الثاني

إسرائيل اليوم 21/1/2025، د. ابراهام بن تسفي: بدأ عهد ترامب الثاني

خطاب التنصيب الثاني لدونالد ترامب لن يسجل اغلب الظن في الذاكرة القومية للامة الامريكية. فهو يفتقد لقول تأسيسي ومصمم، مثل الاقوال التي لا تنسى للرئيس فرانكلين دلانو روزفيلت، الذي في خطاب تنصيبه الأول في 4 اذار 1933 والذي القاه في ذروة الانهيار الاقتصادي العظيم، بث بارقة أمل لدى مستمعيه حين اعلن بان “الامر الوحيد الذي علينا أن نخافه هو الخوف نفسه”. مع ذلك، تضمن خطاب ترامب بعض الصياغات، التي رفعت من غياهب النسيان خطاب التنصيب للرئيس جون كندي في 20 كانون الثاني 1961، والذي تعهد فيه في مواجهة كل تحدٍ وتحدي كل عدو لضمان وجود الحرية. 

بالفعل، النبرة المركزية في الخطاب، والتي مرت فيه كالخيط الثاني، كان التزام الرئيس الـ 47 بعدم التراخي او طأطأة الرأس أمام أي تهديد. العكس هو الصحيح، مثلما في خطاب تنصيبه الأول الذي القاه في 20 كانون الثاني 2017، وان كان فعل هذا هذه المرة في ظل التشديد والحزم، تعهد ترامب في إعادة أمريكا الى عظمتها، وجعلها قوة عظمى مزدهرة، فخورة، قوية ورائدة، وهكذا قيادتنا مباشرة الى العصر الذهبي، الذي سيكون مليئا بالنجاحات والإنجازات. 

المفتاح: قوة وتصميم

على حد نهج ترامب، فان المفتاح لاعادة بناء أمريكا وتعزيز مكانتها العالمية يكمن في قدرتها على بث قوة وتصميم. وبالتالي فقد اعلن ترامب عن نيته زيادة ميزانية الدفاع الامريكية، التي الى جانب عملية التعاظم الاقتصادي المتسارع للولايات المتحدة كنتيجة لسياسته الجديدة ستشكلان رافعة رادعة مصداقة وصلبة. 

وهكذا، كنتيجة مباشرة لهذه الاستراتيجية المتمثلة برفع المستوى واستعراض القوة العسكرية، الاقتصادية والتكنولوجية المبهرة، سيضمن الاستقرار في المجال الدولي، إذ ان “محور الشر” الذي يقف امامها لن يتجرأ على المواجهة معها أو اجتياز خطوط حمراء امام زعامتها الحازمة وقوتها المتفوقة.

بكلمات أخرى، سياسته عديمة الهوادة واستعداده للاقتراب من حافة الهوة وشحذ السيف ضد كل جهة تتحدى وتهدد، ستكون المفتاح لمنع النزاعات. وهكذا يشق الطريق مباشرة الى الدفع قدما بالارث المركزي لترامب – قيادة مسيرات إحلال السلام بدل الانجرار الى نزاعات عنيفة من موقف ضعف ووهن. وهكذا، رغم أن الخطاب صيغ بخطوط عامة، وباستثناء موقفه من إطلاق مسيرة تحرير المخطوفات والمخطوفين من اللظى الغزي، لم يتضمن أي تفاصيل عن كل الساحات التي تحتاج الى مسيرة إحلال سلام بشكل فوري وعاجل. الرسالة الناشئة عن الخطاب لإسرائيل هي رسالة لا لبس فيها: مستقبل الشرق الأوسط، بما في ذلك في المدى الفوري، لا يكمن في استمرار القتال بل في سياقات تسوية على أساس إقليمي واسع باسناد امريكي. 

مصمم على إحلال السلام

العم سام مصمم، إذن، على ان يترك أثره على صفحات التاريخ كمن عمل على إحلال السلام في هذه المنطقة الفوضوية والمليئة بالعنف.

بهذه الطريقة يضمن أيضا تحقيق هدف مركزي آخر في رؤيا ترامب الذي هو مصمم على تنفيذها. بشكل محدد، ضمان الاستقرار والجيرة السلمية سيسمحان للصقر الأمريكي بان يحقق حلم “أمريكا أولا” الذي اتخذه وبالتالي التركيز على مسائل المجتمع والاقتصاد الداخلية. إذ انه بغياب تهديدات فورية على مصالح قومية حيوية، لن تضطر الولايات المتحدة للتصدي لمخاطر التصعيد لنزاعات محلية وإقليمية من شأنها أن تجرفها هي أيضا الى الدوامة.

وهكذا يتحقق أيضا حلم الانعزالية الجديدة للرئيس بحيث يمكنه أن يطل من بعيد على محيط مستقر وآمن لا يلزم بتدخله، الا في سياقات إحلال السلام. الأشهر القريبة القادمة ستثبت إذا كان ترامب محقا في تقديراته وتوقعاته. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى