إسرائيل اليوم: بدء عصر الحروب
إسرائيل اليوم 14/4/2024، بقلم: ايال زيسر: بدء عصر الحروب
الحرب في غزة تقترب من نهايتها، وفي واقع الامر انتهت منذ الان، إذ ان الجيش الإسرائيلي في الأشهر الأخيرة لا يقاتل حقا في القطاع بل يستخدم قوات محدودة لغرض اعمال حفظ النظام والامن الجاري. وفي هذه الاثناء تتجه العيون شرقا نحو ايران بتحفز وترقب نحو ما سيأتي – فهل جولة موضعية لتبادل الضربات ام ربما رصاصة بدء لمعركة إقليمية شاملة.
مهما يكن من أمر، في 7 أكتوبر بدأ عصر جديد في حياتنا – الحروب والمفاجآت الاستراتيجية. ولعله ليس عصرا جديدا إذ انه واقع حياتنا كل الوقت؛ غير أنه مثل النعامة فضلنا دفن رأسنا في الرمال وروينا لانفسنا بانه انتهى عصر الحروب الكبرى لانه لم تعد هناك قوة عسكرية في المجال المحط بنا قادرة على ان تفاجئنا وتهاجمنا بسبب قوتنا العسكرية وفي ضوء تفوقنا التكنولوجي، الاستخباري والعملياتي على جيراننا. ومن هنا أيضا الاستنتاج الواجب ظاهرا. بانه يمكن الاكتفاء بجيش صغير وذكي وانه لم تعد حاجة لتركيز الجهد على محاولة الاخطار بالحرب او الاستعداد لها.
غير أن في 7 أكتوبر وقعت علينا حرب لم نشهدها منذ حرب الاستقلال. بلدات واقاليم احتلها العدو ونحو 1200 مواطن ذبحوا على ايديه فقط في اليوم الأول من الحرب. مثل هذا الامر لم نعرفه في أي من الحروب التي خضناها على مدى السنين ضد جيش العدو النظامية، وكل هذا من جهة حماس إذ بمعجزة لم ينضم حزب الله أيضا الى المعركة.
لقد وقعت الحرب على نحو مفاجيء على كل من آمن بان حماس هي جملة من العصابات المردوعة منا وكل رغبتها هي في تثبيت حكمها في القطاع. لكن فوجيء أيضا من آمن بل وروج من تحت كل شجرة باسقة بانه انتهى عصر الحروب وعصر المفاجآت، ليس فقط بالنسبة لنا بل في تاريخ البشرية كلها. ففي عصر العولمة والتقدم التكنولوجي، لم يعد لاحد مصلحة، وبالتأكيد ليس مصلحة اقتصادية المخاطرة بالخروج الى حرب.
ضوء تحذير كان يجب أن يشعل لدى كل أولئك حين اجتاحت روسيا أوكرانيا قبل سنتين. فالهجوم الروسي كان مفاجأة واسعة لكل أجهزة الاستخبارات الغربية التي فشلت، رغم القدرات التكنولوجية المتطورة التي تحت تصرفها في توقع خطوات الجيش الروسي بل وقبل ذلك في قراءة المزاج مثلما في قراءة نوايا فلاديمير بوتين. وهكذا نشبت في قلب أوروبا حرب لم يتوقعها أحد وأوقعت خرابا ودمارا على نطاق لم تشهد أوروبا مثيلا له منذ الحرب العالمية الثانية.
لكن الموضوع ليس في التشريح الجنائي للهجوم الذي تعرضنا له في 7 أكتوبر بل في ما ينتظرنا في المستقبل. حماس ضربت بلا شك ضربة شديدة، ومعظم القدرات العسكرية التي كانت تحوزها ابيدت. قطاع غزة دمر تماما تقريبا، رسالة ودرس واضحين لكل من يستعد لمهاجمتنا.
لكن مخطيء من يعتقد ان الامر سيمنع حماس او في المستقبل حزب الله من العودة لتجربة حظهم. فالثمن الدموي الذي دفعناه ولا نزال ندفعه على اننا لم نمنع هجوم حماس قبل الأوان، واضح للجميع وبخاصة لاعدائنا. من هنا الاستنتاج وربما الامل الذي ينشأ في اوساطهم بانه اذا ما عادوا وجربوا حظهم في “هجوم 7 أكتوبر” آخر، وبعده واحد آخر، سيؤدي الامر الى انهيارنا. فهؤلاء الأعداء يقدسون ويمجدون الموت، ولم يقلقهم ابدا الدمار والخراب الذي يوقعونه على أبناء شعبهم. من كل هذا يتضح ان الحرب التي نخوضها بعد 7 أكتوبر، حتى لو انتهت بنصر حاسم كما تعدنا الحكومة (طوبى للمؤمنين…) لن تضمن امننا في المستقبل، وحتى اتفاقات السلام والتطبيع مع السعودية والعالم العربي التي تعدنا بها الإدارة الامريكية في اليوم التالي لن تفعل هذا. هذه أمور ذات أهمية هائلة لكن ليس فيها يوجد المفتاح لضمان امننا ومجرد وجودنا.
الحروب والمفاجآت سترافقنا لسنوات طويلة، ومن هنا الاستنتاج الواجب بان علينا أن نحتفظ بجيش كبير، جاهز ومستعد، يعتمد على نفسه وليس على الاستخبارات التي حكمها ان تفشل دوما في توقع نوايا العدو.