ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: الوضع الراهن المستمر في «المناطق»

إسرائيل اليوم 2023-01-16، بقلم: إيال زيسرالوضع الراهن المستمر في «المناطق»

لمن تساءل إذا كانت إقامة حكومة جديدة ستؤدي إلى تغيير ما في سياسة إسرائيل تجاه السلطة الفلسطينية، فقد جاء على وجه السرعة جواب واضح – لا وكلا.

                             
الحكومة الجديدة اختارت أن تواصل السير في ذات المسار المعروف الذي تدار فيه علاقات إسرائيل والفلسطينيين في العقود الأخيرة، وعمليا منذ انهار اتفاق أوسلو وتحولت السلطة الفلسطينية من شريك لصنع السلام إلى وكيل صيانة، يساعدنا، بشراكة مصالح خاصة، للحفاظ على الوضع الراهن في يهودا والسامرة.

وزير المالية بتسلئيل سموتريتش مثل طفل اكتشف دمية جديدة ولا يمكنه أن يتركها، سارع حقا لأن يوقع على أمر بتقليص بضعة ملايين من المليارات التي تحولها إسرائيل إلى السلطة.

إلى جانب زملائه في الحكومة، سحب أيضا من وزير الخارجية الفلسطيني، كعقاب على الحملة السياسية التي تخوضها ضدنا السلطة، بطاقة الشخصية المهمة جدا خاصته، وهكذا حكم عليه بطابور طويل في معبر الحدود. لكن لا تقلقوا – مثلما حصل في الماضي، فإن البطاقة سرعان ما ستعود إلى صاحبها، وإن كان في الخفاء ودون أن يرى أحد.

حتى سموتريتش، الرمز اليميني في الحكومة، سمع فجأة وكأن به يوسي بيلين، من مهندسي اتفاق أوسلو، حين أعلن أنه سيكون ممكنا التعاون مع السلطة إذا ما نفذت هذه اتفاقات أوسلو. فجأة تحول اتفاق أوسلو في نظره إلى بوصلة بموجبها ينبغي توجيه سياستنا.

لكن سموتريتش ليس الموضوع – فقد تركه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالنت يتحدث عاليا، لكنهما حرصا عمليا على أن تكون القرارات التي اتخذت ضد السلطة عديمة كل معنى عملي في الميدان.

وفي كل الأحوال، مع كل الاحترام للوزراء وللحكومة، فإن حق الكلمة الأخيرة محفوظ كما هو الحال دوما لجهاز الأمن. مسؤولون سارعوا لأن يحذروا الأسبوع الماضي من انهيار السلطة ودعوا لمساعدتها على الصمود، وذلك لأنها إذا ما انهارت، فستسود الفوضى ويزداد الإرهاب. وبالتالي ففي السلطة الفلسطينية يمكنهم أن يكونوا هادئين.

ينبغي الاعتراف بأن للحفاظ على الوضع الراهن في يهودا والسامرة، بما في ذلك استمرار وجود السلطة الفلسطينية يوجد منطق بل وتأييد واسع في داخل الساحة السياسية وفي تلك الأمنية وكذا لدى الفلسطينيين.

في الحكومة يوجد من يؤمن بأن الحفاظ على الوضع القائم سيسمح – ببطء ولكن بأمان، دونم إثر دونم وبيت إثر بيت – لتثبيت التواجد الإسرائيلي في يهودا والسامرة، وجعل خطوة فك ارتباط أو انفصال متعذرة.

كل هذا – دون إعلانات دراماتيكية تثير علينا غضب الأميركيين. هؤلاء يفهمون جيداً ما يحصل على الأرض لكنهم يفضلون التسليم بالواقع بصرف النظر وعدم الصدام مع إسرائيل، أو دعمها وبذلك إثارة غضب العرب عليهم.

في جهاز الأمن يؤمنون بأن الحفاظ على الوضع الراهن، مثلما هو أيضا وجود السلطة سيضمنان بأن في يوم من الأيام سيكون ممكنا استئناف مسيرة سياسية – ليس واضحا مع من وعلى ماذا – لكن المسيرة السياسية تعد لدى الكثيرين في جهاز الأمن كلمة سحرية يوجد فيها ما يضمن مستقبلا أفضل، هادئا ومطمئنا.

وأخيرا، الفلسطينيون أيضا غير معنيين بالتغيير، لأن هذا كفيل بأن يجلب خطوة سياسية مثل خطة ترامب، التي اقترحت لهم دولة – لكنها طالبتهم بالتنازل عن الأحلام والخيالات.

وهكذا في المعضلة التي بين دولة مقصقصة وبين سيطرة محتملة لحماس على المنطقة، يفضل المسؤولون الفلسطينيون الكبار، الذين يرضعون من ضروع السلطة، التمسك بالوضع الراهن، على أمل أن ذات يوم تقع معجزة ينتظرونها منذ مئة سنة.

غير أن للوضع الراهن توجد أيضا نواقص بات يصعب معها أكثر فأكثر استمراره، وثمن صيانته يوجد في ارتفاع دائم، وأخيرا – يجب أن يتعزز فيه ليس فقط التواجد اليهودي في يهودا والسامرة بل وأيضا الهوية الفلسطينية وفكرة الكفاح التي تعمل عليها السلطة الفلسطينية، ما يجعل من الصعب على الفلسطينيين في المستقبل أن ينزلوا من الشجرة العالية التي تسلقوها.

إذن ما الذي تريده دولة إسرائيل في واقع الأمر؟ خلافا لهذا الوزير أو ذاك، أو لكبار رجالات جهاز الأمن – لهذا لا يزال لا يوجد جواب. وبخلاف الماضي، حين درجنا على أن نأخذ مصيرنا في أيدينا، نحن نترك اليوم للمصير أن يقرر مستقبلنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى