إسرائيل اليوم: الهدف الاستراتيجي: التجريد من السلاح

إسرائيل اليوم 23/1/2025، مئير بن شباط: الهدف الاستراتيجي: التجريد من السلاح
دور القوة بسيط وواضح حتى عندما تكون الخطة العامة مركبة – هذا معنى مبدأ “البساطة” الذي تقرر كأحد مباديء القتال للجيش الإسرائيلي. وهو صحيح في كل المستويات واهميته تعلو كلما ازداد التعقيد.
في الواقع المعقد الذي نشأ في قطاع غزة حين تختلط مسائل اتفاق وقف النار، استئناف القتال، إعادة المخطوفين و “اليوم التالي” الواحدة بالاخرى، فان الوضوح هو شرط ضروري لتحقيق الأهداف العسكرية والسياسية وتثبيت الشرعية من الداخل ومن الخارج. الهدف الأمني الاستراتيجي الذي ينبغي لإسرائيل أن تحققه في قطاع غزة يمكن تعريفه بكلمة واحدة: التجريد. دون التشوش والتلوي.
اتفاق النار بث روح قتالية متجددة في قيادة حماس وفي رجالها. “هذه نتيجة صمود شعبنا على مدى اكثر من 15 شهرا”، اعلن خليل الحية، رئيس المكتب السياسي للمنظمة، الذي يترأس الطاقم المفاوض عنها. ووعد بان يستمر الكفاح حتى النصر التام.
ينبغي الافتراض بان حماس في غزة لا تقف ساكنة وبدأت منذ الان مسيرة إعادة بناء قوتها العسكرية. وهي ستستغل وقف اطلاق النار كي تنعش رجالها، تهرب وتنتج وسائل قتالية، تستعيد السيطرة على السكان وتستنفد الربح السياسي من تحرير المخربين – في غزة، في الضفة وفي الساحة الإقليمية.
ليس فجر يوم جديد
في كل واقع مهما كان لا يمكن لإسرائيل أن تسمح بوجود قوة مقاتلة، وسائل وقدرات عسكرية تهدد امن مواطنيها، فالتجريد التام لقطاع غزة معناه نزع قدرة العمل العسكري لحماس ولمنظمات الإرهاب الأخرى.
هذا لا يجعل زائدة الجهود لتقويض حكم حماس بل يوضح بان أفكارا من نوع “حكومة وحدة وطنية” او “لجنة إدارة دولية”، التي عرضت كبدائل لهذا الحكم، لن تكون مقبولة من إسرائيل طالما لم يتحقق التجريد. دور جهاز الامن سيكون تدمير القدرات القائمة ومنع تجديدها على مدى الزمن. والسعي الى التجريد سيكون البوصلة التي بموجبها توجه كل الجهود في هذه الساحة، على الأقل في المستقبل المنظور للعيان.
وليس فقط في غزة. حملة السور الحديدي الجارية هذه الأيام في منطقة جنين تذكرنا بمسيرة التحول الى غزة التي اجتازتها المنطقة. فللمرة ومن يدري كم يعود الجيش الإسرائيلي الى دفيئة الإرهاب كي يزيل تهديدات تقيد عمله، يضرب بنى تحتية للارهاب ويعتقل النشطاء.
هذه المرة يأتي بعد وقت قصير من خوض أجهزة السلطة الفلسطينية في المنطقة حملة استثنائية في حجمها “دفاعا عن الوطن”، على مدى نحو ستة أسابيع. شاركت فيها وحدات رفيعة من السلطة، ومن التصريحات حولها كان يمكن اخذ الانطباع بان فجر يوم جديد سينبلج في جنين. الحملة انتهت بصلحة بين الأجهزة وكتائب جنين وقدمت دليلا آخر على قدرات السلطة المحدودة. هذه هي السلطة إياها التي يوجد من يعتقد بانها “في صيغتها المحسنة” يمكنها أن تشكل حلا لمشكلة الحكم على غزة.
في كل الأحوال، ما يحصل في جنين يعكس تصاعد التوتر في كل منطقة الضفة، بعد التوقيع على اتفاق وقف اطلاق النار في غزة. الناطقون بلسان حماس يركبون موجة الفرح وارتفاع المعنويات في اعقاب تحرير مخربين من اسرائيل ويدعون الى “تصعيد المقاومة” من الضفة.
حقيقة أن المحررين ينتمون الى كل منظمات الإرهاب تساهم في الصورة الوطنية التي تجتهد حماس لان تكتسبها لنفسها. والى الشعلة يسكب مزيد من الزيت من المسؤولين في الخارج الذين لم تنلهم يد إسرائيل في هذه الحرب، مثل زاهر جبارين الذي اعلن في “الجزيرة”: مثلما هزمنا نتنياهو في غزة سنهزمه في الضفة الغربية.
رغم وقف النار الذي اعلن في الساحات المختلفة، الأيام التي امامنا بعيدة عن أن تضمن الهدوء. في داخل الفرح لعودة المخطوفين وبالتوازي مع النشاط السياسي مع إدارة ترامب، ومع انعاش وتنظيم القوات المقاتلة، من الصائب الإبقاء على التأهب وحدة العمل التي تبنيناها في الـ 15 شهرا المنصرمة. يمكن الافتراض باننا سنحتاجها.
مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook