إسرائيل اليوم: المعضلة المصرية: صفقة القاهرة المحدودة

إسرائيل اليوم 29/10/2024، شاحر كلايمن: المعضلة المصرية: صفقة القاهرة المحدودة
قبل لحظة من الانتخابات في الولايات المتحدة، تصمم مصر على أن تثبت حيويتها في النظام الإقليمي. “المبادرة المصرية” التي اعلن عنها الرئيس السيسي هي محاولة أخيرة، ربما لانهاء الحرب في غزة عبر تربيع الدائرة. من جهة القول بان هذا وقف نار قصير. من جهة أخرى ربطه باتصالات مكثفة لهدنة كاملة. يستغل المصريون الزخم الناشيء قبل تصفية يحيى السنوار، لكن ليس مؤكدا على الاطلاق ان ينجحوا في إرضاء قيادة منظمة الإرهاب في الخارج.
توجد فجوة بين الرسائل المسربة من قادة حماس لوسائل الاعلام وبين تصريحاتهم الرسمية، عندما تحدث خليل الحية، الذي يجري المفاوضات منظمة الإرهاب، عن وقف نار، امتنع عن ذكر كلمات “دائم” و “كامل”. بالمقابل، عندما يتحدثون بشكل مغفل، في حماس يسمحون لانفسهم بتشديد المواقف وباشتراط كل اتفاق بانهاء الحرب. بهذا المفهوم، فان الصيغة المصرية تناسب مجال النفي لدى المنظمة.
اذا ما خرج الاتفاق بالفعل الى حيز التنفيذ، يمكنهم أن يقولوا ان الصفقة تشق الطريق لانهاء الحرب او على الأقل لوقف الحملة في شمال قطاع غزة. رغم هذا، تضع القاهرة كل ثقل وزنها في كفة الميزان. فالسيسي نفسه اعلن عن مبادرة وقف النار. مؤشر آخر على ذلك ظهر في تعيين رئيس المخابرات الجديد محمد حسن راشد، الذي عين في 16 أكتوبر (يوم تصفية السنوار) وتمكن من أن يلتقي في غضون أسبوعين مع رئيس الشباك روني بار، ومع وفد حماس.
للمصريين يوجد غير قليل من المصالح. طالما تجري الحرب، ستتواصل هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر ما سيبعد سفنا كثيرة عن العبور في قناة السويس. وهذه هي احد مصادر الدخل الأهم لبلاد النيل، التي فقدت عشرات في المئة من أرباحها في السنة الأخيرة. تعد هذه ضربة اقتصادية تضاف الى وباء الكورونا والى الحرب في أوكرانيا اللذين كل واحد منهما اضر بطريقته في الاقتصاد المصري.
ان مشاكل إسرائيل الأمنية، اذا قلنا هذا برقة، لا توجد بالضبط في رأس جدول أولويات السيسي. فالتفكر السياسي لمصر اكثر تعقيدا. في السنوات الأخيرة تحقق تحسن في علاقاتها مع ايران. علاقة هامة للقاهرة عقب تأثيرها على مضيق بان المندب الذي يسيطر عليه الحوثيون في اليمن.
ان النجاح في اتصالات الوساطة المصرية سيشكل بادرة طيبة لطهران التي تمول وتسلح الميليشيا اليمنية. والمعنى هو ان تسوية في غزة ستساهم في تسوية في اليمن، ومعا ستضمنان الاستقرار لمسار الملاحة عبر قناة السويس. وأخيرا في القاهرة يخشون من تأثير الحرب على الجيل الشاب. فالتطرف في الموقف المعادي تجاه إسرائيل، والذي يتعاظم في الشبكات الاجتماعية وفي هيئات الاعلام الدعائية مثل “الجزيرة”، تجر تطرفا في مواقفهم في مواضيع الدين، المجتمع والاقتصاد. هذه المسيرة لا تتجاوز الاستياء من سلوك الحكم الذي يواصل إقامة علاقات مع إسرائيل. في القاهرة، على ما يبدو، يأملون بوقف كرة الثلج واستخدام صفقة محدودة لانهاء الحرب كرافعة تؤدي الى استقرار إقليمي، واقتصادي، واجتماعي.
مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook



