ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: المبادرة الأميركية هي أفضل ما على الطاولة

إسرائيل اليوم 2024-02-05، بقلم: اللواء احتياط تمير هايمن*: المبادرة الأميركية هي أفضل ما على الطاولة

الحرب ضد حماس توجد في نقطة انعطافة استراتيجية. يمكنها أن تتواصل كحرب استنزاف طويلة لإضعاف حماس ويمكنها أيضاً أن تكون الأساس لتغيير إقليمي واسع النطاق.

الفرق بين الأمرين متعلق بنا فقط.

الإنجاز العسكري التكتيكي للجيش الإسرائيلي، وإن لم يستكمل بعد يخلق فرصة استراتيجية لاتفاق إقليمي شامل.

تلميحات شديدة الوضوح، تطلق إلى الهواء مؤخراً، تشهد على أنه قريباً ستعرض على إسرائيل مبادرة أميركية إقليمية واسعة.

مبادرة تتضمن أغلب الظن العناصر الآتية: صفقة تحرير مخطوفين مقابل وقف نار وتحرير سجناء فلسطينيين، موافقة سعودية على تسوية علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل في إطار اتفاق سلام (أو تطبيع)، موافقة إسرائيلية على إعادة السلطة الفلسطينية إلى غزة، بهذه الصيغة أو تلك، وكبديل عن حكم حماس، وموافقة أميركية على حلف دفاع أميركي سعودي يتضمن أيضاً موافقة على مشروع لتخصيب اليورانيوم لأغراض مدنية على الأراضي السعودية وصفقة سلاح كبرى.

هذه الخطوة المحتملة تهدد جداً إيران. حلف دفاع سعودي – أميركي وسلاح سعودي متطور، مثلما هو أيضاً برنامج نووي سعودي، هو تهديد خطير على إيران.

هذه الخطوة الشاملة تقلل نفوذ الصين في الشرق الأوسط وتستأنف مبادرة محور البنى التحتية الأميركي من الهند إلى ميناء حيفا.

بالنسبة لإسرائيل يدور الحديث عملياً عن نهاية النزاع الإسرائيلي العربي وعن فرصة اقتصادية هائلة الأحجام. وذلك بالطبع فضلاً عن الحقيقة الأهم في أن كل أهداف الحرب تتحقق (شرط لكل صفقة كهذه هي عودة المخطوفين، حماس لا تحكم بعد اليوم في غزة، وتهديد حماس العسكري يكون عين مسبقاً من قبل الجيش الإسرائيلي).

المعضلة: صفقة أم عودة «حماس»

أحد العناصر الأكثر تفجراً من ناحية إسرائيل في إطار مبادرة أميركية كهذه هو عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة وتعهد، حتى وإن كان غامضاً، بحل الدولتين.

ينبغي التشديد على أن هذه ليست فقط مشكلة حزبية. فالجمهور في إسرائيل، بصرف النظر عن الموقف الحزبي، غاضب ومغتاظ.

هذه المشاعر لم تتبدد رغم كل النجاحات في ميدان المعركة، ورغم الثمن الباهظ الذي دفعته غزة حتى الآن.

هذا الغضب وجد تعبيره، ضمن أمور أخرى، في استطلاع “أخبار 12” الذي نشر مؤخراً، والذي تبين فيه أن أغلبية ساحقة من الجمهور تعارض استمرار إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة طالما كان مخطوفون لدى حماس.

وذلك إضافة إلى الإحساس القاسي لدى الكثيرين من صفقة تتضمن تحرير سجناء “ثقيلين”. في السطر الأخير توجد عدم رغبة تامة ومفهومة في إعطاء الفلسطينيين أي إنجاز.

وبعد كل هذا، في نهاية الأمر فإن المعضلة هي بين البدائل. الفوضى الحالية في غزة (والامتناع عن الحسم بين البدائل أعلاه) معناها واحد – عودة حماس.

لما كان الحديث يدور عن واقع غير معقول ونحن غير مستعدين لأن نعيش بعد اليوم إلى جانب حكم حماس، فإننا مطالبون بأن نعرض عنواناً سلطوياً مدنياً بديلاً في غزة.

فضلاً عن ذلك، فإنه بعد استكمال تفكيك كتائب حماس المتبقية فإن الجيش سينسحب على أي حال من قطاع غزة. وبالتأكيد إذا ما خرجت إلى حيز التنفيذ صفقة مخطوفين.

صفقة مخطوفين دون إطار إقليمي ستبقي حكم حماس على حالها بل وستعززها؛ وذلك لأن حماس ستعتبر في الشارع الفلسطيني كمن أخضع إسرائيل عسكرياً، ومن سيوزع الغذاء على السكان ومن حقق “استعادة الكرامة العربية” بتبييض السجون في إسرائيل.

في السطر الأخير، بغياب بدائل من شأننا أن نبقي حماس ونبقى مع إحساس الإحباط على تحرير سجناء ثقيلين.

من هنا، فإن المبادرة الأميركية أفضل عشرات الأضعاف من صفقة ضيقة تفوقها نواقصها فضائلها.

حرب استنزاف مع «حماس»

ما العمل، إذن، بتلك السلطة الفلسطينية الإشكالية إياها؟ السلطة الفلسطينية ليست هيئة صهيونية مؤيدة لإسرائيل، توجد لها مشاكل عسيرة وهي تدير صراعاً سياسياً وقانونياً ضد إسرائيل. لكن بالمقابل تسمح بتحقيق مسؤولية أمنية إسرائيلية على المنطقة.

هذه هي السلطة الفلسطينية إياها التي عرفها وزير الدفاع مؤخراً كذخر مهم للأمن القومي الإسرائيلي.

ومع أن الوزير قال هذا في سياق الضفة، لكن هذه هي السلطة إياها (محسنة، بعد أن تجتاز إصلاحات) ستكون في غزة. فلئن كانت جيدة بما يكفي للضفة فهي على ما يبدو أفضل من حماس في غزة.

إذا قررت إسرائيل رفض المبادرة الأميركية ومواصلة الخطوة العسكرية فقط، فإن خيارها يجب أن يكون فرض حكم عسكري على غزة.

وضع أفضل من الفوضى التي ستعيد حماس إلى الحكم في القطاع.

معنى الحكم العسكري في قطاع غزة هو وجود دائم لألوية الجيش الإسرائيلي.

يدور الحديث عن حجم هائل من القوات على مدى زمن طويل. توجد له نواقص في الساحة الدولية ومعانٍ حول التأييد الأميركي للحرب.

هو سيؤثر على الاقتصاد الإسرائيلي كون تجنيد الاحتياط سيتسع، الاحتكاك الدائم مع السكان الفلسطينيين سيعطي مؤشراته.

هذا الواقع ليس موصى به وهو يتناقض مع سياسة حكومة إسرائيل حتى الآن. لكن إذا كان هذا البديل موضع تفكير، فإن النقاش في “اليوم التالي” يكون ملحاً أكثر من أي وقت مضى، إذ إن انتشاراً كهذاً يوجب هو أيضاً توافقات مع الواقع الجديد.

إذا لم يكن الحكم العسكري وارداً ولا نوافق على المبادرة الأميركية، فإننا عملياً سنجلب على أنفسنا هزيمة سياسية.

قد نواصل الانتصار في المعارك التكتيكية، لكننا سنغرق في حرب استنزاف لا تنتهي مع حماس.

المبادرة الأميركية ستذوي ابتداء من الصيف، مع دخول حملة الانتخابات في الولايات المتحدة في حالة تسارع عالٍ، وحتى في وضع انتخاب رئيس آخر وبداية ولاية رئاسية جديدة، لا ضمان أو احتمال حقيقياً لإعادة الدولاب إلى الوراء.

نحن في وقت حرج لاتخاذ قرارات سياسية ذات تداعيات تاريخية. التلبث والتأخر سيؤديان إلى ضياع الفرصة.

من المجدي أن نحاول تشخيص تلك النقطة المتملصة في الزمن التي تصل فيها الاستراتيجية العسكرية وحدها إلى الاستنفاد واستمرار تمديدها دون غلاف إضافي يؤدي إلى الفشل.

نأمل أن يعقل زعماؤنا في تشخيص هذه النقطة، إذ إنها تقترب بسرعة وتنقضي بالسرعة ذاتها.

*رئيس الاستخبارات العسكرية “أمان” سابقاً ورئيس معهد بحوث الأمن القومي حالياً.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى