إسرائيل اليوم: العلاقة بين إسرائيل والأردن هشة ولكنها أكثر أهمية من أي وقت مضى
إسرائيل اليوم 9/9/2024، عوديد عيلام: العلاقة بين إسرائيل والأردن هشة ولكنها أكثر أهمية من أي وقت مضى
الأردن هو دولة مميزة ومعقدة من ناحية جغرافية – سياسية. حدودها تقررت بعد الحرب العالمية الأولى، في اثناء مداولات سريعة بين بريطانيا وفرنسا، اللتين لم تفهما دوما الديمغرافيا والجغرافيا للمنطقة. احدى القصص المشوقة والرمزية تتعلق بالحدود الجنوبية التي بين الأردن والسعودية، والمشهورة باسم “شهقة وينستون”. حسب الأسطورة، وينستون تشرتشل الذي كان وزير المستوطنات البريطاني في العشرينيات، كان يشرب الكحول في اثناء ترسيم حدود الدول. عند الشهقة، كانت الحدود الصحراوية تعوج ولا تكون مستقيمة، مما جعلها تأخذ هذا الاسم. هذا الحدث التاريخي يذكرنا كيف كانت تؤخذ القرارات المصيرية في الشرق الأوسط أحيانا على غفلة من الوعي لكن يكون لها تأثير عميق حتى عصرنا.
اليوم الأردن يبدو مستقرا نسبيا تحت حكم الاسرة المالكة الهاشمية. لكن من تحت السطح، تتصدى المملكة لتحديات داخلية وخارجية. ومع ان الأغلبية الساحقة من سكان الأردن هم من اصل فلسطيني، الا ان الاسرة المالكة الهاشمية تسيطر في الدولة بيد عليا. وكلما تواصلت الحرب في غزة وفي الشمال، تصاعد التوتر في الأردن. ايران وحزب الله يشخصان الأردن كجسر استراتيجي لإسرائيل. الحدود المفتوحة مع سوريا والعراق أصبحت محاور تهريب للسلاح والذخيرة، فيما أن النفوذ الأيديولوجي لإيران يتسلل ويهدد الاستقرار الداخلي.
رغم انه يقف في الجبهة ضد الثورة الإسلامية لإيران الا ان الأردن يحافظ على علاقات سرية مع طهران. مثال على ذلك هو التعاون في موضوع النفط. بسبب العقوبات المفروضة على طهران، استخدمت الدولتان العلاقات الاقتصادية السرية لتجاوز العقوبات – قصة تمثل ازدواجية الأردن في منظومة العلاقات المعقدة مع ايران.
العلاقات الخاصة بين شخصيات إسرائيلية والملك حسين لم تنتقل الى ابنه بالوراثة. في الساحة الدولية، الأردن يعتبر معارضا حادا لإسرائيل. التحريض في الدولة يتصاعد، وفي تموز دعا رئيس الوزراء الأردني السابق عبدالسلام الرجب الى وقف الدبلوماسية “الرقيقة” مع إسرائيل بل والى مهاجمتها. العداء لإسرائيل ينال الزخم في الأردن كما تبين في حدث امس في معبر اللنبي الذي نفذ فيه سائق شاحنة اردني عملية مخطط لها وليست عفوية. كل حدث كهذا يهز منظومة العلاقات الهشة بين إسرائيل والأردن.
رغم هذا، من خلف الكواليس يوجد بين الأردن وإسرائيل تعاون امني مكثف. الأردن حتى ساعد في اعتراض مسيرات إيرانية في الهجوم في نيسان، ما اثار غضب الإيرانيين. لإسرائيل توجد مصلحة عليا لمنع تطورات في الأردن، وبالتالي عليها أن تحافظ على خطاب معتدل تجاه الأردن والحفاظ على المصالح الأمنية.
ان سقوط الاسرة المالكة الهاشمية سيشكل ضررا استراتيجيا جسيما لإسرائيل وسيسمح لايران لنيل موطيء قدم حقيقي في الحدود الأطول لها. وبالتالي، فان إسرائيل تقف امام تحد غير بسيط. التعاون الأمني مع الأردن هو حرج للحفاظ على حدودنا الأكثر انفلاتا.