إسرائيل اليوم: العلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة في اختبار كبير وكذلك مكاننا في الشرق الاوسط

إسرائيل اليوم 13/5/2025، البروفيسور ابراهام بن تسفي: العلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة في اختبار كبير وكذلك مكاننا في الشرق الاوسط
يؤخذ الانطباع بان دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو يتقدمان بسرعة نحو صدام جبهوي في بالمسائل الجوهرية الإقليمية والعالمية عظيمة المعنى. بالنسبة لترامب فان انهاء سريع للحرب في غزة يعدل كمدماك ضروري في بلورة وبناء ارثه كزعيم مصمم، يعمل بلا كلل على تسوية أو على الأقل استقرار، نزاعات وأزمات خطيرة.
هذا مثلا طلب منذ الان الحظوة على وقف النار في المواجهة العنيفة بين الهند والباكستان، ويحتمل حتى أن يفلح في انهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا. لجبهة غزة معنى خاص بالنسبة لتطلعه لان يتخذ صورة الوسيط الخبير إذ يدور الحديث عن شرط ضروري بالتقدم في منحى طموح في مركزه إعادة تصميم الشرق الأوسط كله على أساس من السيطرة الامريكية. هذه السيطرة يفترض أن تقوم على أساس صفقات تبادلية بين واشنطن ودول الخليج وعلى رأسها السعودية، فيما توفر الإدارة الامريكية لحلفائها الإقليميين سلاحا حديثا ومتطورا. هذا، في توقع لاستثمارات كبرى من جانبها الاقتصاد الأمريكي، كمقابل لتعزيز مكانتها العسكرية في المنطقة.
هكذا ينشأ، بعيون البيت الأبيض تحالف استراتيجي وسياسي واسع يمكنه – بدعم واسناد من القوة العظمى الأمريكية – التصدي بالتهديد الإيراني او لكل تهديد آخر (إقليمي او عالمي) يتحدى استقرار المنظومة الاخذة في البناء.
لكن وردة وشوكة فيها: الحلقة المركزية في المبنى الجديد كله، التي هي تطبيع إسرائيلي – سعودي لا تزال ناقصة. الشروط المبكرة لها، التي وضعها الشركاء المفضلون لواشنطن في السعودية – والتي هي انهاء القتال في غزة وإعلان اولي من إسرائيل في افق سياسي في المسألة الفلسطينية – لم تتحقق بعد. حكومة بنيامين نتنياهو اختارت، حاليا، توسيع المناورة البرية في غزة على بطاقة الدخول الى الشرق الأوسط الجديد كلاعب مركزي.
فرق تسد
في أواخر الخمسينيات من القرن العشرين كانت إسرائيل الجهة التي بادرت، بدعم من الرئيس آيزنهور الى “حلف بلدان المحيط” بمشاركة ايران، تركيا واثيوبيا لاجل صد الموجة الراديكالية من انتاج مصر الثورية. هذه المرة، كما يبدو، هي تختار البقاء خارج الصورة والاندحار الى هوامش المنظومة الإقليمية المتبلورة.
عشية رحلة الرئيس الـ 47 الى السعودية، اتحاد الامارات وقطر لم يعد ممكنا إخفاء الصدوع المتسعة بين الحليفتين القديمتين. عمليا، “العلاقة الخاصة” بين إسرائيل والولايات المتحدة التي لا يمكن التقليل من أهميتها تجد نفسها تحت حركة كماشة تاريخية. تهديد حقيقي على هذه العلاقات يأتي من جانب الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي في الوقت الذي يوجد فيه ميل انعزالي – “اغترابي من جانب الجناح الانعزالي في الحركة الجمهورية.
صحيح أن الإدارة الامريكية تتقدم في مسارات منفصلة، وفي أحيان قريبة مستقلة، مع كل لاعب شرق اوسطي مستعد لان يدخل في شراكة تجارية مع السيد الأمريكي، لكن درة التاج – التطبيع الإسرائيلي السعودي – لا تزال ناقصة. تنفيذ “قمة الابداع” الترامبي الذي احد مرسيه هو اتفاقات إبراهيم، بقي جزئيا فقط. كل هذا انشأ احباطا، غضبا وخيبة امل في البيت الأبيض تجاه نتنياهو.
في بداية الازمة جاءت مظاهرة الإحباط أساسا للإشارة الى نتنياهو بانه “يدوس” على الاقدام الامريكية في النقاط الهامة للإدارة، مثل الإعلان مع مفاوضات مع ايران دون التشاور مع إسرائيل، اتفاق وقف نار مع الحوثيين بينما تتواصل النار الى هنا، والقفز عن القدس في الرحلة السياسية الى المنطقة.
الان، مظاهر الاستياء أصبحت شبه علنية. يبدو ان ترامب وويتكوف على حد سواء يصعب عليهما ان يفهما المنطق الاستراتيجي الذي في استمرار المراوحة الإسرائيلية في المستنقع الغزي، ما يبدو في نظرهما كقتال عديم الغاية والجدوى.
هدف الرئيس
لما كان الحديث يدور عن رئيس حار المزاج وفظ الأسلوب، يسعى الى تقدم سريع وانجازات فورية، يمكن التقدير انه حيال تسويف نتنياهو، فان أزمة “إعادة التقويم” في 1975 قد تصعد من جديد من طي النيسان في صيغة كدية اكثر بكثير. الخطوة الدراماتيكية بلا دور إسرائيلي وفي مفاوضات مباشرة مع حماس، والتي أدت الى تحرير الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان الكسندر هي فقط جزء من الخطوات التي شأنها أن تلبد الغيوم اكثر فأكثر في السماء فوق العلاقات الخاصة.
لاحقا قد يأتي أيضا دمج حماس في الحكم في غزة في اليوم التالي، حتى وان كان ظاهرا في مستوى “سياسي” فقط وليس كمنظمة عسكرية، سعي بلا اتفاق نووي مع ايران بلا تشاور، وتأييد للمشروع النووي السعودي المدني بلا ضوء اخضر من إسرائيل. امامنا رئيس قاطع مصمم على ان يواصل التقاليد الفاخرة لتسوية النزاعات في مقدمة الساحة الدولية، بدايتها تعود الى الرئيس ثيودور روزفيلت الذي في العام 1905 كان عراب اتفاق السلام بين روسيا واليابان وتواصلت بمبادرات الوساطة لوزير الخارجية الأسطوري هنري كيسنجر.
إسرائيل لم تكن ابدا جمهورية موز تقول نعم، هكذا يظهر التاريخ. اما الان فيبدو أنه يوجد تطابق بين رؤية الأهداف الاستراتيجية لادارة ترامب وبين مواقف جماهير واسعة في إسرائيل. هذا الواقع سيصعب على نتنياهو ان يقود ضد البيت الأبيض الحالي المعركة السياسية التي ادارها ضد إدارة أوباما، إذ انه هو وحكومته، الذين وضعوا في راس سلم اولوياتهم بقاءهم السياسي يفتقرون لدعم إسرائيلي داخلي واسع بما يكفي كي يفعلوا هذا بنجاح وبمدى بعيد.