إسرائيل اليوم: التحذير المصري

إسرائيل اليوم 16/9/2025، شاحر كلايمن: التحذير المصري
من كل الخطابات في القمة العربية في قطر، فان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بلا شك سرق العرض. مثل نظرائه في الدوحة، في دمشق، في عمان، وفي عواصم عربية أخرى شجب محاولة تصفية قادة حماس في الدوحة. ومع ذلك، تحدث حاكم القاهرة بشكل عملي اكثر.
أولا، طرح السيسي فكرة التعاون الأمني بين الدول العربية والإسلامية. ومنذ نهاية الأسبوع سربت الى وسائل الاعلام العربية انباء عن رغبة مصر في الدفع قدما بآلية كهذه. ومع ذلك، لأول مرة تصدر الفكرة الى الملأ من الرئيس المصري بنفسه.
“الغرور الإسرائيلي المتزايد يستوجب منا العمل على المباديء التي تعبر عن رؤيا مشتركة للامن الإقليمي”، قال السيسي. بل وتطرق لإسرائيل بالتلميح كـ “عدو” مع نهاية خطابه إذ قال: “مواقفنا يجب أن تغير رؤية العدو لنا بحيث يرى في كل دولة عربية، من المحيط الى الخليج، مظلة تغطي كل الدول الإسلامية والمحبة للسلام. وكي تتغير هذه الرؤية مطلوب قرارات وتوصيات قوية وعمل لتنفيذها بصدق بحيث أن كل عدوان يردع وكل مغامر يتلقى تحذيرا. في هذه الظروف التاريخية سيكون ضروريا بالنسبة لنا إقامة منظومة عربية إسلامية للتنسيق والتعاون تتيح لنا جميعا التصدي للتحديات العظيمة – الأمنية، السياسية والاقتصادية”.
اعلان نوايا
في هذه المرحلة يدور الحديث أساسا عن تحذير، إذ ان “ناتو عربي” سيعاني من صدام واضح في المصالح. مثلما في الماضي، ليست كل دولة سيسرها الانضمام الى المعركة مع إسرائيل من اجل الأخرى، ولا يهم كم يصار الى الحديث عن “دول شقيقة” وعن “تضامن”. ولا يزال، هذا اعلان نوايا محظور على إسرائيل أن تتجاهله. ميل على القيادة الإسرائيلية ان تتابعه.
ثانيا، الرئيس المصري توجه مباشر الى مواطني إسرائيل وهذه ظاهرة تكرر نفسها في اثناء الحرب وفي اطارها يجري زعماء الدول العربية فصلا بين الجمهور والحكومة الحالية. “لشعب إسرائيل أقول – ما يحصل الان يمس بمستقبل السلام، يهدد امن كل شعوب المنطقة، يمنع كل فرصة لاتفاقات سلام جديدة، بل يخرب على اتفاقات سلام قائمة مع دول المنطقة”، حذر السيسي، “التداعيات ستكون قاسية – المنطقة ستعود الى أجواء النزاع، والجهود التاريخية لاقامة سلام والإنجازات التي تحققت ستضيع هباءً. هذا ثمن سندفعه جميعنا بلا استثناء. لا تجعلوا جهود اسلافنا تذهب هدرا”.
وتوجه السيسي الى الإرادة في إسرائيل لتوسيع اتفاقات إبراهيم الى دول أخرى كالسعودية. وبالفعل، هناك تبين منذ الهجوم الإسرائيلي بان التطبيع مع الرياض آخذ في الابتعاد. منذ جلسة مجلس الشورى في المملكة، الهيئة الاستشارية للحاكم، عاد ولي العهد محمد بن سلمان ليطرح من جديد “المبادرة العربية”، وهو منحى اكثر تصلبا من “مسار مصداق لاقامة دولة فلسطينية”. ضمن أمور أخرى قال ان “مبادرة السلام العربية التي اطلقتها المملكة في 2002 تشكل اليوم المسار لتحقيق دولة فلسطينية. يبدو أن الغموض حول مواقف الأمير تبدد، وابن سلمان اختار السير على المضمون. على الأقل حتى وقف نار في غزة، تغيير الحكم في إسرائيل ووفاة الملك سلمان. هذه التطورات قد تسمح له بإعادة احتساب المسار.
رغم طوفان التنديد والاتهام، قيدت الدول العربية والإسلامية ردها في هذه المرحلة بالاعلانات فقط. يدور الحديث عن خطوة أبعد بكثير مما كانت حماس وباقي منظمات الإرهاب معنية به. هذا الأسبوع مثلا دعت حماس لاستخدام “سلاح النفط”، لفرض عقوبات اقتصادية ولاقامة “قوة عربية” تعمل بكل الوسائل لوقف الحرب الإسرائيلية.
خطوة الى الوراء
على هذه الخلفية كان أيضا من برد الأجواء. “تعالوا لنكون واقعيين”. الدول العربية التي لها علاقات مع إسرائيل لن تقطعها. الدول التي توجد فيها قواعد لواشنطن لن تغلقها. مصر لن تتراجع عن اتفاق الغاز وأبو مازن لن يتخلى عن الحكم في رام الله”، كتب في صحيفة “الشرق الأوسط” المحلل السعودي الكبير عبدالرحمن الراشد، “هذه اثمان سياسية باهظة، وحتى لو دفعتها الدول ذات الصلة لا هي ولا الفلسطينيين يحصلون على تنازلات او انتصارات في المقابل. وهكذا صب ضوء على المنطق من خلف سلوك الدول العربية: صحيح ان لإسرائيل يوجد تفوق عسكري لكن بالذات في الساحة السياسية هي تعاني من موقف ضعف.