إسرائيل اليوم: الأزمة مع الأميركيين تهدد إسرائيل أمنياً، سياسياً، واقتصادياً
إسرائيل اليوم 2023-07-14، بقلم: يوآف ليمور: الأزمة مع الأميركيين تهدد إسرائيل أمنياً، سياسياً، واقتصادياً
مقال توماس فريدمان، الذي نشر في “نيويورك تايمز”، أول من أمس، من أكثر المقالات التي صدرت، مؤخراً، قسوة وإثارة للقلق. هو قاس ومثير للقلق بسبب الكاتب: يهودي صهيوني، محب إسرائيل، وصاحب عمود رأي عظيم التأثير. هو قاس ومثير للقلق بسبب المنصة: الصحيفة الأهم في العالم، التي توضع كل صباح على طاولة أصحاب القرار في واشنطن وباقي أطراف المعمورة. وهو أساساً قاس ومثير للقلق بسبب الرسالة: النص كله هو ضوء تحذير لا يمكن الخطأ فيه حول مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، إذا لم تصحُ إسرائيل، ولم تعد الى رشدها.
عنوان المقال، وان كان يقول إن الإدارة في واشنطن تراجع العلاقات مع إسرائيل، لكن من النص نفسه لا يمكن أن نفهم بأنه بالفعل يدور الحديث عن خطوة عملية تجري منذ الآن. لا يمكن اعتبار هذا غير مهم: توجد فجوة كبيرة بين بطاقة صفراء وبطاقة حمراء. ولا يزال، مع مراعاة علاقات فريدمان بالإدارة الديمقراطية بعامة والرئيس جو بايدن بخاصة، يمكن الافتراض بأنه عبر اكثر من إحساسات قلبية. حتى لو كانت الأمور لا تزال لا تجري عمليا، فان مجرد حقيقة انهم يتحدثون عنها في واشنطن علنا هي خطر كبير على إسرائيل في كل جانب محتمل – أمني، سياسي، واقتصادي.
مؤامرة صمت
من لا يفهم أهمية الولايات المتحدة لوجود إسرائيل لا يفهم شيئاً. لسوء الحظ، هذا هو الاعتقاد لدى غير قليل من وزراء الحكومة والنواب، وإلا فمن الصعب أن نشرح الضرر الذي يلحقونه في جملة تصريحات، تقوض القاعدة اليومية في العلاقات الأهم التي لدى إسرائيل. في الأيام العادية كان رئيس الوزراء نتنياهو سيوقفهم او يمنعهم من الحديث، لكن هذه ليست أياماً عادية، ونتنياهو أسير في حكومة متطرفة تجره وتجر الدولة كلها نحو شفا الهوة.
إسرائيل يمكنها ان توجد بدون الولايات لمتحدة، لكن هذا سيكون وجودا آخر تماما. وهذه ليست فقط الـ 165 مليار دولار المتراكمة التي حصلت عليها إسرائيل كمساعدة امنية استمرارا لاتفاق السلام مع مصر. هذه جملة المنصات الأمنية – الجوية أساسا – التي تضع الجيش الإسرائيلي خطوة واحيانا أكثر، قبل كل دولة أخرى في المنطقة، وتعظم الدرع وتبعد الحرب. كما ان هذا هو الفيتو الدائم في مجلس الامن في الأمم المتحدة، الذي يمنع المقاطعات، العقوبات، والإجراءات القضائية في الساحة الدولية. وفوق كل شيء هذا تفهم كل دولة، صديقة ومعادية، بانه خلف الـ 10 ملايين إسرائيلي يقف أيضاً 330 مليون أميركي يساعدونهم في كل ازمة وضائقة.
كانت إسرائيل بدون هذا ستغرق في حروب زائدة أخرى، ولا تحظى باتفاقات سلام وتطبيع منشودة (بما في ذلك الخليج). بدون هذا ما كانت أيضا لتتمتع بأرباح اقتصادية سمينة. واستمرارا لذلك، الاستثمارات المستقبلية بالتكنولوجيا وغيرها من المشاريع التي تستهدف التعبير عن العلاقة الخاصة التي بين الدولتين التي لا تعتمد فقط على الضرورة المتبادلة لهما في منطقة غنية بالمخاطر والتهديدات، بل أساسا على مصالحهما المشتركة – ديمقراطيات تتطلع الى السلام، في العالم وفي الشرق الأوسط تشد كل الوقت في اتجاهات معاكسة.
الإصلاح ليس متأخراً
يمكن الادعاء بأن التشريع في الكنيست لا يلغي الديمقراطية في إسرائيل. هذا لا يهم: حكومة إسرائيل، بأفعالها وبخططها، تبث شيئا آخر. يكفي الانصات لأولئك الذين يدعون الى حرق القرى، وإقالة القضاة، واعتقال المتظاهرين بالجملة. في نظر الأميركيين هذه ليست ديمقراطية، وفي اللعبة غير المتساوية التي تجري بين واشنطن والقدس، الأميركيون هم الذين يقررون القوانين.
من هنا لاحقا، من شأن إسرائيل أن تدفع الثمن. هذا لا يبدأ بالأمن. ستستمر أوجه التعاون والصفقات. لكن الحميمية والثقة سيتقلصان تدريجيا. من سيدفع الثمن بشكل سريع سيكون الاقتصاد: ستختفي الاستثمارات، وستغلق مراكز التطوير، وستبحث شركات أميركية (بتشجيع الإدارة) عن أسواق جديدة وأقل خطورة.
يمكن أن ننهي النقاش بتمنيات النجاح للأميركيين. على أي حال، سيكون في حكومة إسرائيل من سيفعل هذا. من أولئك، من بين الوزراء الذين لا يزالون قادرين على أن يضعوا المصلحة الوطنية لإسرائيل قبل مصلحتهم السياسية، من المسموح ويجب ان نتوقع تصرفا آخر. ان يفهموا بانه حيال المخاطر الأمنية الفورية، والتهديد بانهيار اقتصادي، وإمكانية الانهيار السياسي، من المجدي الانصات للأصوات التي تأتي من الصديقة الفضلى والأكثر إخلاصا لإسرائيل في العالم. بايدن، الرئيس الأميركي الصهيوني الأخير، قال هذا بصوته، وروحه تحوم أيضا بين كلمات فريدمان. ليس متأخراً بعد الانصات والإصلاح، قبل أن يكون الضرر اللاحق هداماً ولا رجعة عنه.