إسرائيل اليوم: الأردن المستقر هو جزء من خط الدفاع لإسرائيل

إسرائيل اليوم 28/10/2025، شاي غال: الأردن المستقر هو جزء من خط الدفاع لإسرائيل
السلام بين إسرائيل والأردن هو سلام بارد. لكن منظومة أمن إقليمية دافئة. فهو لم يولد من السذاجة بل من الفهم بان القوة اللاجمة هي قوة منقذة. وبالذات لانه ينجح تهدد ايران وشبكات نفوذ تركيا وقطر التي تسعى لان تسعى لان تحرق الهدوء الذي يبقيه الأردن منذ أجيال.
على طول الحدود الشمالية للاردن نبتت بنية تحتية من تهريب الكبتاغون، السلاح والحوامات مما حول جنوب سوريا الى رواق حرب. انتقلت عمان من الدفاع السلبي الى الردع المسبق: هجمات دقيقة في عمق سوريا تصفي ورشات الإنتاج وتحبط تسللات قبل أن تصل النار الى إسرائيل.
في كانون الثاني 2024، حوامة لمليشيا إيرانية هاجمت القاعدة الامريكية “برج 22” الذي في شمال الأردن وقتلت ثلاثة جنود أمريكيين. وشكل الحدث نقطة انعطافة: في واشنطن أيضا فهموا بان الأردن ليس جبهة داخلية بل جبهة خارجية في الصراع ضد التموضع الإيراني.
يبني الأردن منظومة دفاع متعددة الطبقات لبطاريات الاعتراض، الرادارات ومنظومة انذار سبق أن اثبتت نفسها اعتراض صواريخ وحوامات إيرانية قبل دقائق من اصابتها أهدافا في إسرائيل. وقد فعل الأردن هذا رغم تهديدات طهران.
لكن الهجوم على الأردن ليس فقط أمنيا. فقطر وتركيا تديران حملة لضعضعة الاسرة المالكة: تمويل جمعيات، وسائل اعلام ومنظمات مهاجرين ممن يعززون تيارات حماس والاخوان المسلمين. قرار عمان في نيسان الماضي بإخراج المسلمين عن القانون، بعد القبض على خلية حوامات تضررت في لبنان كان خطوة شجاعة حددت خطا أحمر ونصبت سور نار ضد التطرف الخارجي.
يتحمل الأردن عبئا لا سابق له: اكثر من 1.3 مليون لاجيء سوري، نحو عشر عدد سكانه. بخلاف دول أخرى، تحولت فيها مخيمات اللاجئين الى دفيئات تطرف، جعلت عمان هذه الازمة سياسة: دمج اللاجئين في الاقتصاد، تصاريح عمل وخلق “أمن انطلاقا من الاحتواء”. حاولت طهران ودمشق تحول هؤلاء اللاجئين الى أدوات ضغط، لكن الأردن اغلق لهما القناة.
خلف الحدود، اصبح الدروز في السويداء خط دفاع مدني يمنع التدهور عن جنوب سوريا، يحبطون تهريب المخدرات والسلاح. كل شاحنة يوقفونها، هي تسلل واحد اقل الى أراضي الأردن، ومن هناك الى إسرائيل.
في السنتين الأخيرتين اشتد التوتر في المنطقة لكن الأردن بقي هاما لإسرائيل، مثلما هي إسرائيل حيوية للاردن. المملكة هي منطقة فاصلة، محطة انذار مبكر وشريكة في الإبقاء على الهدوء في غور الأردن وفي الأماكن المقدسة في القدس – دور نص عليه اتفاق السلام.
ان اردن مستقر هو جزء من خط الدفاع لإسرائيل. معناه هو حدود شرقية هادئة وقدرة إسرائيلية على تركيز القوة في ساحات أخرى. إسرائيل هي شريان حياة للاردن: توريد مياه وطاقة تعد به وفوق كل ذلك – امن وجودي.
قبل السلام كانت إسرائيل والأردن تعملان معا حين لم تكن خيارات أخرى. في 1970 أرسلت سوريا دبابات لاسقاط الاسرة المالكة ومساعدة الثوار الفلسطينيين؛ إسرائيل أرسلت طائرات واعادت السوريين الى دمشق. بعد ثلاث سنوات، عشية حرب يوم الغفران الملك حسين حذر غولدا مائير من الهجوم المقترب. هكذا ولدت العقيدة الصامدة حتى اليوم: الردع الإسرائيلي والاستقرار الأردني هما منظومة واحدة.
من يحاول مرة أخرى تحدي القدس من خلال المس بالمملكة المجاورة سواء بالفوضى السورية، بالاحابيل القطرية، بالنفوذ الإيراني او بالتآمر التركي – سيكتشف اليد المرفوعة إياها والوضوح الاستراتيجي إياه الذي اقلع الى السماء في 1970، والذي سيقلع مرة أخرى في كل زمان ومكان يلزمان.
*خبير في السياسة الدولية، إدارة الازمات والاعلام الاستراتيجي



