إسرائيل اليوم: إنطلق يا غالنت
إسرائيل اليوم 29/11/2024، يوسي بيلين: إنطلق يا غالنت
المكانة السياسية لإسرائيل وصلت دركا لم يسبق له مثيل ابدا. هذا يؤثر على النوايا لترك البلاد، على اقتصاد إسرائيل وعلى يهود العالم: لا يمكن اقناعهم بان إسرائيل هي المكان الا كثر امنا لليهود في العالم، ومستوى المخاطرة التي يتعرضون لها في الشتات، فيما لا يخفون هويتهم اليهودية، عال جدا.
المشاهد التي تعرض في وسائل الاعلام العالمية هي لرضع فلسطينيين يحرقون في غزة، ومستشفيات نقصفها نحن، فيما أن التفسيرات التي تُسمعها الجهات الإسرائيلية، الرسمية وغير الرسمية، هي بشكل عام مثيرة للشفقة. الى هذا تضاف تبجحات وزراء إسرائيليين يطرحون اقتراحات عنصرية، وحشية تتضارب ظاهرا والقانون الدولي، تلوننا جميعا بالوان الابرتهايد. رئيس الوزراء لم يعد منذ زمن بعيد يحاول التصدي للتدهور السريع. ويوجد في ذروة جهوده لرد النذر، في مجال محاكمته.
على هذه الخلفية، يا غالنت، انت تجد نفسك الى جانب نتنياهو، كريه روحك، ممنوع من التحرك في معظم دول العالم طالما كانت أوامر المحكمة الجنائية الدولية سارية المفعول. لكن لا يدور الحديث عنك فقط. دولة رئيس وزرائها ووزير دفاعها يتلقيان أوامر اعتقال تقيد حركتهما، تفقد غير قليل من مكانتها في النادي الدولي الذي ننتمي اليه، والذي نريد نحن أن نكون أعضاء فيه. في السنة الأخيرة فقط هبطنا بسبع مراتب في المؤشر السنوي للدول الديمقراطية، وقرار الجنائية دهورنا الى الأسفل، دون أن تكون في أيدينا الأدوات لان نشرح، نوضح او حتى نعتذر عن أمور زائدة او مدينة لنا (لاسفي محرجة أيضا واساسا تحت الصدمة الفورية لاحداث 7 أكتوبر).
وعليه، فاني اقترح عليك التفكير بجدية في إمكانية ان تقف طوعا وبمبادرتك امام محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. اعرف انه يوجد في هذا مخاطرة، لكنك سبق أن اثبت قدرتك على اخذ المخاطر في اثناء حياتك. وقوفك، بحد ذاته يعطيك نقاط تفوق. وذلك شريطة أن تضع الدولة تحت تصرفك المساعدة اللازمة للدفاع عنك قضائيا والدفاع عنا جميعنا. هذه ستكون فرصة نادرة لان نعرض امام العالم الحجة الإسرائيلية بكاملها، ان نصف اليوم الرهيب إياه في بلدات غلاف غزة، والإجراءات التي اخذتها إسرائيل وتتخذها كي تقلص عدد المصابين الفلسطينيين. ما كانت أي دولة في العالم لتتصور الا تعمل في اعقاب السبت الأسود، ولا يدور الحديث عن ثأر بل عن ردع وابعاد الاحتمال في أن تتكرر مثل هذه الخطوة. عندما تصطدم منظمة إرهاب بإسرائيل فانها ملزمة بان تأخذ بالحسبان بان الطريق التي سيعمل بها الجيش الإسرائيلي ستتسبب باصابات عديدة. لقد تركت حماس سكان غزة لمصيرهم وضحت بهم على مذبح هدف مجنون لشطب إسرائيل من الخريطة. الرئيس الفلسيطيني محمود عباس قال هذا فورا حين اعلن بان الضرر الذي الحقته حماس بالفلسطينيين يفوق ضرر النكبة في 1948، وهذا حتى قبل أن تقرر حماس سلب المساعدات الإنسانية من سكان غزة وتبيعها بأسعار شاهقة في ظل ردعهم.
الحكومة التي كنتَ عضوا فيها، هي بلا شك أسوأ حكومات إسرائيل. لم تقترب أي حكومة منها في قصوراتها، في عجزها وفي المستوى الإنساني الهابط للكثيرين من أعضائها. كان يتوجب عليها ان تقيم لجنة تحقيق رسمية في التحقيق في ما حصل عشية 7 أكتوبر، في اليوم نفسه وبعده. ارتكبت أخطاء جسيمة في تعاطيها مع منظمات دولية وعرضت حيات يهود العالم للخطأ. لكن الان بالذات بعد أن تحررت منها يمكن لهذه ان تكون لحظتكَ. انت ملزم بهذا لنفسك وبالقدر ذاته، ان تلزم بهذا لإسرائيل وللشعب اليهودي.
ولعلمك فقط، هذه المحكمة أقيمت كنتيجة صراع يعود لعشرات السنين خاضه اليهود ومنهم أيضا إسرائيليون مثل البروفيسور شبتاي روزين في اعقاب الحرب العالمية الثانية. بدلا من التملص منها هام الوقوف امامها بقامة منتصبه واستغلال هذه المنصة لرواية القصة الحقيقية بما فيها حججنا. يحتمل ألا تكون لنا منصة اكثر نجاعة من هذه، فرجاء لا ترفض هذا الاقتراح رفضا باتا.