إسرائيل اليوم : إسرائيل عالقة في كل الساحات، لكن الجبهة الأصعب هي الداخلية
إسرائيل اليوم 8/9/2024، يوآف ليمور: إسرائيل عالقة في كل الساحات، لكن الجبهة الأصعب هي الداخلية
مسؤول إسرائيلي كبير سُئل في نهاية الأسبوع الى أن تسير إسرائيل أجاب ببساطة: “الى اللامكان”. عندما طُلب منه أن يوسع في الحديث، أجاب بان إسرائيل عالقة في كل الساحات، مع إمكانية اكبر للتورط مما لحل مشاكلها.
استعراض سريع لعموم الساحات يبين أن هذا التعريف صائب للغاية. في غزة تواصل إسرائيل النشاط العسكري الذي نتائجه محدودة في ضوء المقاومة القليلة نسبيا من جانب حماس. صحيح أن الجيش افاد أمس بتصفية قائدي كتيبتين في الجهاد الإسلامي وعن هجوم لبضعة اهداف لحماس، لكن هذه إنجازات تكتيكية – محلية، تأثيرها على المعركة العامة طفيف، وبالتأكيد لا تقربها من تحقيق هدفيها الأساسيين – إعادة المخطوفين وهزيمة حماس.
يخيل أنه لا يوجد الان سوى خطوتين يمكنهما أن ينقذا إسرائيل مما يلوح كوحل غزي. الأولى هي صفقة مخطوفين، التي لا تبدو في هذه اللحظة في الأفق، رغم أن الأمريكيين كفيلون بان يطلقوا في اثناء الأسبوع مقترح جديد. فالعنزات التي ادخلها الطرفان – حماس مع زيادة عدد القتلة الذين تطالب بتحريرهم وإسرائيل مع مطلبها بالبقاء في محور فيلادلفيا – تقلص الاحتمال للوصول الى اتفاق الا اذا ما طرأت انعطافة غير مرتقبة.
الخطوة الثانية هي تصفية يحيى السنوار. إسرائيل تبذل جهدا جما للعثور عليه لم تعطي ثمارها حتى الان. اذا ما نجحت، سيكون بوسعها أن ترى في ذلك صورة نصر بالضرورة ستنهي أيضا اجتثاث كل قيادة حماس. هذا سيحصل في وقت ما وان كان يجدر بإسرائيل الا تعلق كل امالها عليه. حماس وان كانت ستضعف جدا، لكنها ستبقى حتى بدون زعيمها، وستبقى إسرائيل مطالبة بان تحسم كيف ستتصرف بغزة (وما تفعله مع المخطوفين). في جبهة الشمال أيضا الوضع معقد. إسرائيل تراوح في المكان، وبعيدة عن حل يتيح إعادة سكان الشمال الى بيوتهم. بغياب احتمال لاتفاق منفرد مع حزب الله يوجد لإسرائيل امكانيتان: اتفاق في غزة يسكت حدود الشمال او تصعيد مبادر اليه بمعانيه الواسعة. ان امتناع الحكومة عن اجراء بحث في الموضوع وحتى عن إضافة الشمال كهدف رسمي للحرب يبقي المنطقة سائبة لنار حزب الله التي تتصاعد كل شهر تعبر عن نفسها بتوسيع دوائر الإصابة بالبلدات وبالممتلكات ومن شأنها أيضا ان تؤدي الى إصابات بالارواح (مثلما حصل في مجدل شمس)، تؤدي بالضرورة الى تصعيد غير مرغوب فيه.
بالتوازي مع هاتين الساحتين الاساسيتين، تنجر إسرائيل الى توسيع اعمالها في الضفة. معطيات الإرهاب الفلسطيني توجد في ارتفاع مقلق بما في ذلك ارتفاع في مشاركة جهات لم تندرج حتى الان الى دائرة الإرهاب. هذا يبرز أساسا في شمال السامرة (مع التشديد على جنبن وطولكرم)، لكن استيقاظ منطقة الخليل مقلق على نحو خاص لان الحديث فيها يدور عن نواة أيديولوجية صلبة ومؤيدة لحماس وكفيلة بان تحول موجة الإرهاب الى انتفاضة حقيقية.
يحاول الجيش والشباك صد هجمة الإرهاب هذه بالوسائل المعروفة: “عمليات احباط واسعة (ناجحة في معظمها)، مع تصعيد النشاط العسكري المبادر اليه بحجوم متغير وفقا لطبيعة التهديد في كل جبهة. لكن محافل مختلفة تحذر منذ الان من انه يحتمل بان تكون حاجة الى اعمال أوسع تلزم على خلفية ضائقة القوات بالاقتطاع من القوات في غزة وفي الشمال وتجنيد واسع إضافي للاحتياط كذلك.
شرطة الرمال لبن غفير
وان لم تكن تكفي كل هذه الجبهات فلا يمكن الا تقلقنا على نحو خاص الجبهة الداخلية. فانعدام الثقة المتزايد بالحكومة في أوساط واسعة في الشعب، على خلفية امتناعها عن تحقيق صفق مخطوفين وعلى خلفية عودة التشريع القضائي يجر مواجهات واسعة تظهر جوانب عديدة في إسرائيل تتضعضع فيها الديمقراطية بسرعة.
ان اعتقال الشابة نوعا غولدنبرغ يوم الجمعة هو مثال ممتاز على ذلك. فحسب الادعاء (الذي تنفيه) القت غولدنبرغ حفنة رمال نحو وزير الامن القومي ايتمار بن غفير، وهو موضوع كان يمكن أن يؤدي في اقصى الأحوال الى توقيفها واستدعائها الى التحقيق في بداية الأسبوع. بدلا من هذا اعتقلت وقيدت بيديها وقدميها واخفيت على مدى ساعات بينما تكذب الشرطة لابناء عائلها وللنواب عن مكان تواجدها وبعد ذلك أدخلت الى المعتقل في نافيه ترتسا رغم أنها تعاني من مرض عضال ولا تشكل أي خطر. الادعاء الذي بموجبه ان من شأنها ان تشوش الأدلة سخيف على نحو خاص، وكأن بوسعها ان تخفي كل الرمال عن شاطيء تل أبيب.
ودرء للشك: العنف محظور، ولئن كانت غولدنبرغ اعتدت على الوزير فان عليها أن تخضع للتحقيق (واذا وجدت أدلة – يمكنها تقديمها الى المحاكمة). لكن الخفة التي اعتقلت بها الشرطة الأسبوع الماضي معارضي الحكم مقلقة جدا، ولا سيما في ضوء حقيقة ان معظمهم اطلق سراحهم على الفور، بلا اتهام ولا شروط مقيدة. كل هذا، كما يجدر بالذكر، في الوقت الذي يسير فيه أحرارا المشاغبون الذين اقتحموا الشهر الماضي قاعدتي سديه تيمان وبيت ليد وأولئك الذين اعتدوا على الفلسطينيين في جيت، دون أن تبدي الشرطة إياها ائتمانا خاصا بالعثور عليهم وباعتقالهم.