إسرائيل اليوم: أدى الاحتجاج على الإصلاح إلى ولادة قيادة جديدة
إسرائيل اليوم 28-7-2023، بقلم يوسي بيلين: أدى الاحتجاج على الإصلاح إلى ولادة قيادة جديدة
أسفل الحفرة
لا أحد يعرف كيف، حتى وإن كان ممكناً أن نعيد لأنفسنا أهلية أذرع الأمن، وأمة الاستحداث، والمستثمرين، والإدارة الأمريكية، ومكانتنا الدولية. تحولت الأقوال بسرعة البرق عن ترك البلاد إلى رسائل على ألسنة من كانوا وطنيين متزمتين. وهكذا أيضاً الأقوال عن النهاية.
الأقوال المريرة التي وصفت بأنها “نكات أشكول” قبل 57 سنة (عن جامع الطوابع الذي قال إنه سيبقى هنا حتى النهاية لأنه سينتظر مغلف اليوم الأخير للدولة؛ وعن اليافطة التي نصبت في المطار وأمرت آخر الخارجين بإطفاء الضوء؛ وعن إسرائيل جليلي الذي كسر يده في محاولة فاشلة لرفع المزاج)، كانت كالصفر مقارنة بمشاعر هذه الأيام.
لكن تبرز ظواهر إيجابية ومؤثرة في اللحظات القاسية. احتجاج معارضي الانقلاب المناهض للديمقراطية هو بالتأكيد أحدها، وهكذا أيضاً الاكتراث الإسرائيلي والاستعداد للكفاح ضد الهجمة الأكبر على الديمقراطية الإسرائيلية منذ قيامها. إن حقيقة أن الأشخاص المتماثلين مع اليمين لم يترددوا في المكافحة إلى جانب رجال يسار واضحين من أجل الحرية، كانت هي أيضاً من نوع الأمور التي قد ننظر إليها بفخر حين يصبح الكابوس الذي نعيشه من خلفنا.
وثمة ظاهرة أخرى انكشفت هنا: فقد ولد الاحتجاج قيادة جديدة، قيادة من نوع آخر، لأناس في الثلاثينيات والأربعينيات من حياتهم، وهؤلاء مشغولون جداً، لم يكونوا مشاركين في السياسة الحزبية، أناس أكاديميا، بحث، تكنولوجيا عليا وأعمال تجارية وأصحاب مهن حرة، وجدوا أنفسهم فجأة يخطبون أمام عشرات ومئات الآلاف، يتراكضون بين أستوديوهات التلفزيون ويتحدثون بطلاقة قد يحسدهم عليها معظم النواب.
يبدو أنه لن يكون من الخطأ افتراض أن أغلبية هؤلاء الأشخاص هم أبناء صورة كينكينتوس، ذاك الاستراتيجي – المزارع الذي انتخب مرات عديدة ليكون زعم روما، أنقذها من أعدائها، وبعد أسبوعين – ثلاثة أسابيع في المنصب، عاد ليفلح أرضه. لكن قد يكون هناك من يقتنعون أن بوسعهم المواصلة والمساهمة في غير أوقات الأزمة بحيث يكون الاحتجاج بالنسبة لهم بطاقة دخول إلى عالم أصحاب القرار.
بين المحتجين من سيفكر بالدخول إلى الساحة السياسية، بمن فيهم أبرزهم؛ البروفيسورة شيكما براسلر، الفيزيائية ابنة الـ 43 التي تنجح بين حدث احتجاجي وآخر في توظيف وقت للبحث وتربية خمسة أطفال. شيكما هي مريان الاحتجاج، غير أن الفرق بينها وبين رمز الثورة الفرنسية، مريان، هي صورة، فيما أن شيكما امرأة حقيقية تؤدي دوراً مهماً في قيادة المعسكر الديمقراطي في إسرائيل.
وفي هذه الأثناء في رام الله
حملة الجيش الإسرائيلي في جنين تبث روح حياة في الرئيس الفلسطيني محمود عباس. التعاون الأمني الذي ألغي رسمياً عاد بقدر لا بأس به إلى سابق عهده. قوات الأمن الفلسطينية تبرز في حضورها في المدينة، بعد زيارة عباس النادرة إلى المكان.
بعد غد سيعقد في القاهرة، بدعوة من الرئيس السيسي، لقاء غير عادي بين قادة المنظمات الفلسطينية. ليس واضحاً إذا كان عباس سيشارك فيه، لكن حتى لو لم يشارك، فسيكون هذا إنجازاً لمنظمة فتح، التي ستحصل على اعتراف بمكانتها المتصدرة. مرة أخرى، يصعد خيار إقامة حكومة وحدة وطنية بمشاركة فتح وحماس. رغم أنه يخيل أنه كلما كان الانقسام في المعسكر الفلسطيني أكبر يكون أفضل لنا. إسرائيل بحاجة لعنوان فلسطيني واحد، وهذا أيضاً كفيل بأن يفتح الطريق لإعادة محافل “فتح” إلى قطاع غزة.
يمكن الادعاء بأن عباس “إرهابي”، وكاره إسرائيل، وناكر للكارثة بل وصب وابلاً من المياه المغلية عليه، مثلما تفعل عناصر في اليمين ممن لا يناسبها أي شريك، لكن كل من يدرك بأنه لن تكون لنا دولة يهودية وديمقراطية بدون حدود بيننا وبين الفلسطينيين، فهو ملزم الاعتراف بأننا نفوت فرصة ضمان لأنفسنا بأننا دولة ديمقراطية مع أغلبية يهودية.