شؤون مكافحة الاٍرهاب

أوروبا وعودة الذئاب المنفردة

بقلم اللواء الركن الدكتور عماد علو 7/11/2020

بات واضحا” أن تنظيم داعش الارهابي عاد من جديد الى اتباع تكتيك الذئاب المنفردة على الساحة الأوربية ، فبعد سلسلة الهجمات الإرهابية (ذات الطابع الاسلاموي) ، التي عصفت بفرنسا مؤخرا رفعت الدول الاوربية من درجة استنفار واستعداد اجهزتها الامنية ، لتعكس مخاوف أجهزة الاستخبارات الاوربية من توسع نطاق الهجمات ليشمل بقية دول اوربا ، وكان توقعها في محله ،عندما امتدت الهجمات الارهابية الى العاصمة النمساوية فينا ، حيث هاجم مسلحون بالرشاشات مساء الاثنين (2 نوفمبر/ تشرين الثاني)، ستّة مواقع مختلفة بالعاصمة النمساوية فينا ، حيث بدأت العملية  الارهابية خارج المعبد اليهودي الرئيسي، و أسفرت عن أكثر من 17 قتيل وجريح . الذئاب المنفردة: كيف تحولت الى صداع لأجهزة الإستخبارات الأوروبية. 

والمواقع الستة التي تعرضت للهجوم جميعها تقع قرب الشارع الذي يوجد به المعبد اليهودي المركزي.. وقتل أحد المهاجمين برصاص الشرطة. وقد أكدت السلطات النمساوية بأن هجوم فيينا الإرهابي منفذه “شخص متطرف كان يشعر بأنه قريب إلى تنظيم الدولة الإسلامية” (داعش) . وحسب السلطات النمساوية، لا يزال مشتبه به واحد على الأقل طليقا، بينما قتل آخر.

ومن المعروف أن مصطلح او تعبير (الذئاب المنفردة ) يرمز الى خلايا وتنظيمات ارهابية ترتبط بتنظيم داعش الارهابي تعمل وتنشط وتتواجد على الساحة الاوربية ، الامر الذي يدعو المجتمع الدولي عامة والاوربي خاصة الى عدم التهاون وتجاهل ظاهرة داعش الإرهابي المنتشرة بدءا من العراق و سوريا امتدادا إلى الجغرافية الأفريقية ووصولا” الى الساحة الاوربية . فبعد عودة العديد من المقاتلين الاجانب في تنظيم داعش الارهابي الى بلدانهم في اوربا وغيرها من البلدان تصاعدت ظاهرة الذئاب المنفردة من جديد . الذئاب المنفردة و التطرف المجتمعي.. تصاعد التهديدات الإرهابية في أوروبا

واليوم يتحمل المسؤولين الاوربيين بصورة عامة والفرنسيين خاصة جزءا” كبيرا” من المسؤولية ، عن الدماء والتضحيات والخسائر جراء هذه الخروقات الامنية التي وقعت في باريس ومدن فرنسية اخرى مثل نيس وليون وغيرها واليوم في العاصمة النمساوية فينا ، كما يتحملون وزر الدماء التي أراقها الإرهاب في سوريا والعراق بسبب تجاهلهم كل التحذيرات التي أطلقت بشأن التعامل بجدية مع أخطار تفشي الكراهية و الاسلامفوبيا في مجتمعاتهم وما تشكله من عوامل ، دعم للإرهاب في العراق وسوريا والمنطقة ورفضهم كل التنبيهات بشأن ارتداده إلى داخل فرنسا و اوروبا.

ولا شك أن الحادث الإرهابي في فينا مؤخرا”  يبعث برسائل مهمة فيما يتعلق بآلية الهجوم وطريقة التنفيذ ، التي تشير الى بصمات تنظيم داعش ، وكذلك يبعث برسالة مرتبكة فيما يتعلق بعملية التبرير الغير منطقية للأعمال الارهابية التي تتم داخل الدول الغربية ، ومن المتوقع أن تترتب على نتائج العمليات الارهابية التي ضربت باريس ونيس وليون وفينا على مدى الايام الماضية اجراءات امنية وقانونية واجتماعية تشمل كافة دول الاتحاد الاوربي ، وسيتم التركيز بالتالي بشكل جاد على موضوع خطر عودة الإرهابيين الاوربيين الذين عززوا تدريباتهم وتمرسوا على ارتكاب أبشع الجرائم في  العراق وسوريا وبدوءا يؤسسون الخلايا الارهابية في بلادهم . وسوف تترتب اجراءات تعسفية اكثر ضد المسلمين الذين يتخذون من المجتمع الأوربي المتجانس ملاذا امنا من جور حكومات بلدانهم .

اللواء الركن المتقاعد الدكتور عماد علو ، مستشار المركز الاوربي لدراسات مكافحة الارهاب

* المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى