أقلام وأراء

أنطوان شلحت يكتب – تسويق حزب ساعر : إلى يمين نتنياهو

أنطوان شلحت *- 17/2/2021

من شأن فحصٍ خاطفٍ لكيفية تسويق الحزب الإسرائيلي الجديد، أمل جديد، زعيمه جدعون ساعر، الذي انفصل عن حزب الليكود، أن يشي بأن أكثر ما يهمه هو إبراز حقيقة أنه إلى يمين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، لا في ما يحيل إلى المستقبل فحسب، إنما أيضًا في كل ما يتعلق بمسيرته السياسية التي بدأها ناشطًا في صفوف حزب “هتحيا – تحالف أمناء أرض إسرائيل” الذي تأسس إثر اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، على خلفية انطوائها على انسحاب الأخيرة من شبه جزيرة سيناء. بعد ذلك، في عام 1999، عُيّن ساعر سكرتيرًا للحكومة. وفي إطار وظيفته هذه ترأس وفدًا إسرائيليًا إلى الأمم المتحدة لإحباط مساعي إقامة لجنة تحقيق دولية لتقصي وقائع ما ارتكبته قوات الجيش الإسرائيلي في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين إبّان الانتفاضة الفلسطينية الثانية. انتخب ساعر للكنيست ضمن قائمة الليكود عام 2002، وكان من معارضي خطة فك الارتباط بقطاع غزة التي أيّدها نتنياهو، وبادر إليها رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، أرييل شارون، ونفذها عام 2005، وانفصل عن الليكود، وأسّس حزب كاديما المنحل.

شغل ساعر منصب وزير التربية والتعليم في حكومة نتنياهو الثانية بين الأعوام 2009- 2013. وخلال ولايته، أقيمت كلية أريئيل في الأراضي المحتلة منذ 1967، وأدخل موضوع “محبة أرض إسرائيل ومعرفتها” ضمن مناهج التعليم، ويشمل جولات للتلامذة في الخليل والحرم الإبراهيمي الشريف وغيرهما. وفي 2013، تولى منصب وزير الداخلية في حكومة نتنياهو الثالثة، فوقف على رأس حملة مكافحة “المتسللين”، وهم طالبو لجوء من أفريقيا.

قبل أن نتوقف عند مواقف ساعر السياسية، تتعين الإشارة إلى أنه خلال توليه منصب وزير التربية كان من مؤجّجي حملة الضغط على الجامعات الإسرائيلية، من أجل أن تتماهى مع الخطاب اليميني الآخذ بالهيمنة على المجال العمومي في دولة الاحتلال، وإقصاء ما تعرف بالتوجهات ما بعد الصهيونية. وفي أثناء ولايته، بدأ الحديث عن وجوب اعتماد “مدونة أخلاقية” للمحاضرين في الجامعات، والذي سرعان ما تلقفه، خليفته في هذه الوزارة، نفتالي بينيت. وتم نشر مدونة كهذه عام 2017 في سياق استمرار الجهود الكبيرة والحثيثة لليمين الإسرائيلي، سيما الديني الصهيوني منه، للسيطرة والتأثير على صوغ المجال العمومي، ومنه المؤسسة الأكاديمية، بغية تكريس غايتين: تأكيد الهوية اليهودية في بعدها الديني أو التراثي، والتضييق على النشاط السياسي لمحاضرين ينتقدون سياسات إسرائيل في الضفة الغربية، وينتظمون ضمن حركات مناهضة للاحتلال.

وبخصوص المواقف السياسية، يؤيد ساعر ضم مناطق ج في الضفة، ويعارض أي مفاوضات مع الفلسطينيين، وإقامة دولة فلسطينية. ومع أنه أعلن تأييده خطة “صفقة القرن”، إلا أنه أوضح أنها إشكالية، كونها تعترف، في نهاية المطاف، بدولة فلسطينية في شروط محدّدة. وقال في مؤتمر لمعهد أبحاث الأمن القومي في بدايات 2020: “دولة فلسطينية في معظم أراضي الضفة ومستوطنات يهودية هي بمثابة جيوب، ليست جزءًا من رؤيتي ورؤية المعسكر القومي. وإلى جانب مشاعر الفرح والمعنويات العالية [التي تثيرها “صفقة القرن”]، ثمّة مخاوف من خريطةٍ لا يفترض وفقًا لها أن تبقى معظم أراضي الضفة بأيدينا”.

وليس هذا الموقف جديدًا، إذ سبق لساعر أن هاجم نتنياهو إثر خطاب بار إيلان 1 (2009)، واتهمه بالإفراط في تقديم بوادر حُسن نية إلى السلطة الفلسطينية. وفي مؤتمر الحوار الاستراتيجي بين إسرائيل وأستراليا (القدس، 2019)، قال إن نتنياهو “شريك في وهم حل الدولتين”، الحل الذي فشل برأيه على مدار الأعوام الثمانين الفائتة، وسيفشل في المستقبل، لأن الفلسطينيين غير قادرين على قبول أي تسوية، وهم “غير جادّين في إنهاء الصراع، وجادّون فقط في تربية أبنائهم على الكراهية وقتل اليهود، سواء بواسطة الحجارة أو المركبات أو السكاكين أو الأسلحة والقذائف الصاروخية”. ورأى أن على الفلسطينيين أن يكتفوا بحكم ذاتي مرتبط بالمملكة الأردنية، وأن يسلّموا بحقيقة أنه لن تكون لهم دولة مستقلة قطّ.

*أنطوان شلحت – كاتب وباحث فلسطيني في الشأن الإسرائيلي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى