أقلام وأراء

أنطوان شلحت: مع بدء العدّ التنازلي للانتخابات الإسرائيلية

أنطوان شلحت 3-12-2025: مع بدء العدّ التنازلي للانتخابات الإسرائيلية

ثمة قناعة في إسرائيل أن العدّ التنازلي للانتخابات العامة بدأ فعلاً، وأن مجموعة من آخر المستجدّات مرتبطة بهذا الأمر، وفي مقدمها طلب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الحصول من رئيس الدولة على عفو عام من المحاكمة التي يخضع لها منذ ما قبل حرب الإبادة الجماعية على غزّة بشبهات جنائية.

ووفقاً لجلّ التحليلات، الغرض الأساسي من طلب نتنياهو العفو سعيه إلى تقليل أكبر قدر ممكن من الخسائر في المحاكمة الجارية ضده. ولاحظت تلك التحليلات، على وجه التحديد، أن طلب العفو توازى كذلك مع توجّه نتنياهو نحو إبقاء إسرائيل في حالة حرب دائمة، والتلميح إلى أن من شأن هذه الحالة أن توفر الغطاء الأمني اللازم لطلب العفو، بل ويمكن أن تؤدّي إلى مصادقة رئيس الدولة عليه.

عند هذا الحدّ، يشير محللون عارفون ببواطن أسرار الحكومة الإسرائيلية ورئيسها إلى أن توجّه إبقاء حالة الحرب الدائمة يشمل كلاً من لبنان وسورية، بالرغم من أن إسرائيل تتمتع في منطقتي حدودها الشمالية مع هذين البلدين بما توصف بأنها “امتيازات استراتيجية” غير موجودة في قطاع غزّة مثلاً. والقصد بهذه الامتيازات وجود نظامي حكم في لبنان وسورية يعلنان علناً وباستمرار، مثلما كتب أحد المحللين، عدم رغبتهما في حربٍ مع إسرائيل، وهذه ليست مجرّد تصريحات تهدف إلى طمأنة الولايات المتحدة، فلبنان وقّع مع إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار قبل أكثر من عام، ورئيسه الحالي جوزاف عون اعتمد مبدأ يدعو إلى توحيد السلاح الموجود داخل البلد تحت السيطرة الحصرية للدولة، كما أن الحكومة في بيروت اتخذت قراراً يقضي بتكليف الجيش اللبناني، لأول مرة في تاريخه، بجمع الأسلحة من المنظّمات غير الحكومية، وفي مقدّمها حزب الله والتنظيمات الفلسطينية. كما شدّد المحلل نفسه على أن الجيش اللبناني يجمع هذا السلاح في جنوب لبنان، ولكن إسرائيل لا تنظر بعين الرضى إلى الوتيرة.

كما أن الوضع في سورية مشابه، حيث لا تسمح إسرائيل للجيش السوري بأن ينتشر في جنوب الجولان، وهي تقوم بنفسها بعمليات عسكرية. والمفاوضات مع دمشق حول ترتيبات أمنية مجمّدة عمداً. ولفت المحلل نفسه، كما غيره، إلى أنه بعكس لبنان، دخل النظام السوري في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، وأن الرئيس أحمد الشرع أعلن أنه سيكون مستعدّاً للانضمام إلى اتفاقيات أبراهام في الأوضاع المناسبة ولكنه لم يحدّدها.

وبالرغم من كل هذه المستجدّات، وما تتضمنه من مزايا تتيح إمكان التوصل إلى تسويات سياسية، ما زالت حكومة نتنياهو تلجأ إلى كل الخطوات التي تكرّس حالة الحرب الدائمة مع لبنان وسورية، لكونها “تخدم الطموحات السياسية للحكومة ورئيسها”، كما يستنتج المحلل السياسي تسفي برئيل من صحيفة هآرتس.

وما يمكن استخلاصه من هذه المستجدّات:

أولاً، أن الحكومة الإسرائيلية ليست في وارد أن تستخدم هذه الامتيازات في الساحة السياسية. وباتت الحرب بالنسبة إليها هدفاً في حدّ ذاتها، وليست وسيلة لتحقيق أهداف سياسية.

ثانياً، عزّزت العمليات العسكرية التي قامت بها إسرائيل في لبنان، وفي صلبها اغتيال رئيس هيئة أركان حزب الله هيثم الطبطبائي في قلب بيروت، الأسبوع الماضي، التقديرات بأنها قد تكون سائرة في منحى خلع القفّازات ورفع مستوى المواجهة مع حزب الله، ولكن التحليلات في صحيفة اليمين الإسرائيلي المتطرف ونتنياهو “يسرائيل هيوم”، ما زالت تؤكّد أن هذه العمليات كانت بمثابة الاستثناء الذي لا يدلّ على القاعدة، بمعنى أنه لا يدلّ على أن إسرائيل قرّرت أن تخلع القفازات.

ثالثاً، في حال نجاح نتنياهو في الهروب من محاكمته بشبهات جنائية عبر العفو الرئاسي، يتعين عليه السعي إلى هروب آخر من مسؤوليته عن عملية طوفان الأقصى، كون ما ترتب عليها سيكون حاضراً قبل الحملة الانتخابية المقبلة المشار إلى بدء العدّ التنازلي نحوها.

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى