أقلام وأراء

أنسام طه: رسالة من قلب الصراع

بقلم: أنسام طه 11-6-2023: رسالة من قلب الصراع

أنا طفل فلسطيني، أعيش في قطاع غزة، المحاصر من كل جانب، المدمر بالقصف والحصار، المنسي من كل العالم. أنا طفل فلسطيني، أكتب لكم هذه الرسالة، لأخبركم عن ما أراه وأشعر به، عن ما أتمناه وأحلم به، عن ما أخشاه وأتضرع به.

أنا طفل فلسطيني، أراهن أنكم لا تعرفون كيف هي حياتي. أراهن أنكم لا تتخيلون كيف أقضي يومي. أراهن أنكم لا تشعرون بما أعانيه. أنا طفل فلسطيني، أعيش في خوف دائم، في قلق مستمر، في حزن عميق. أنا طفل فلسطيني، لا أعرف ما هو الأمان، ما هو السلام، ما هو الحرية. أنا طفل فلسطيني، لا أملك حقوقي، لا أحصل على احترامي، لا أنال عدالتي.

أنا طفل فلسطيني، أشهد كل يوم مشاهد مروعة، مشاهد لا تناسب عمري، مشاهد لا تليق بإنسانيتي. أشهد كل يوم قصف المنازل والمساجد والمدارس والمستشفيات. أشهد كل يوم استشهاد الأبرياء والأطفال والنساء والشيوخ. أشهد كل يوم تدمير البنى التحتية والمرافق الحيوية والموارد الطبيعية. أشهد كل يوم انتهاك القوانين الدولية والحقوق الإنسانية والقيم الأخلاقية.

أنا طفل فلسطيني، أتمنى كل يوم أن ينتهي هذا الصراع، أن يتوقف هذا العنف، أن يزول هذا الظلم. أتمنى كل يوم أن أعيش في سلام وأمان، أن أتمتع بحرية وكرامة، أن أحقق طموحاتي وأحلامي. أتمنى كل يوم أن ألعب وأضحك وأتعلم وأنمو مثل باقي الأطفال في العالم. أتمنى كل يوم أن أرى أهلي وأصدقائي وجيراني سعداء ومبتهجين ومتفائلين.

أنا طفل فلسطيني، أحلم كل يوم بأن أرى وطني حرا ومستقلا، بأن أرى شعبي موحدا ومنتصرا، بأن أرى أرضي مزهرة ومباركة. أحلم كل يوم بأن أرى القدس عاصمة لفلسطين، بأن أرى المسجد الأقصى محررا من الاحتلال، بأن أرى الأقصى والمقدسات محفوظة من التدنيس. أحلم كل يوم بأن أرى العالم يساند قضيتي، بأن أرى الأمم تنصف حقي، بأن أرى الشعوب تدعم نضالي.

أنا طفل فلسطيني، أخشى كل يوم أن أموت قبل أن أعيش، أن أفقد كل ما أحب، أن أنسى كل ما أتذكر. أخشى كل يوم أن أصاب بالإصابة أو الإعاقة أو المرض. أخشى كل يوم أن أفقد أهلي أو أصدقائي أو جيراني. أخشى كل يوم أن أفقد وطني أو شعبي أو أرضي. أخشى كل يوم أن أفقد حقي أو كرامتي أو عزتي.

أنا طفل فلسطيني، أتضرع كل يوم إلى الله أن يرحمني ويرزقني ويعينني. أتضرع كل يوم إلى الله أن ينصرني ويفرج عني ويسخر لي. أتضرع كل يوم إلى الله أن يغفر لي ويرضى عني ويقبل مني. أتضرع كل يوم إلى الله أن يجعلني من الصابرين والشاكرين والمخلصين.

أنا طفل فلسطيني، أرسل لكم هذه الرسالة، لأنني أثق فيكم وأحترمكم وأحبكم. أرسل لكم هذه الرسالة، لأنني أرجو منكم وأنتظر منكم وأطلب منكم. أرسل لكم هذه الرسالة، لأنني أحتاج إليكم وأعتمد عليكم وأتوكل عليكم.

أنا طفل فلسطيني، أناشدكم بالله وبالإنسانية وبالعدالة. أناشدكم بالله وبالإنسانية وبالعدالة. أناشدكم بالله وبالإنسانية وبالعدالة. أن تساعدوني على إنهاء هذا الصراع، على وقف هذا العنف، على إزالة هذا الظلم. أن تساعدوني على الحصول على حقوقي، على الحفاظ على احترامي، على تحقيق عدالتي. أن تساعدوني على العيش في سلام وأمان، على التمتع بحرية وكرامة، على تحقيق طموحاتي وأحلامي.

 

* مرشدة بالتربية وبالصحة النفسية وكاتبة، المديرة التنفيذية لشركة خطوة للتدريب الوالدي.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى