"أمان" في تقريره السنوي: تراجع في نزاهة الحكم واهدار في المال العام
الائتلاف من اجل النزاهة والمساءلة “أمان” 26/3/2018
أكد ائتلاف أمان في تقريره السنوي العاشر حول “واقع النزاهة ومكافحة الفساد خلال العام المنصرم 2017 حصول تراجع في نزاهة الحكم في فلسطين، في ظل تراجع انفتاح الحكومة على المجتمع المدني وتراجعها في توفير المعلومات المتعلقة بالمال والشأن العام.
كما رصد التقرير الذي تم اطلاقه خلال مؤتمر عقد في مدينة البيرة اليوم الإثنين، حالات من اهدار المال العام كان أهمها حصول متنفذين على إعفاءات ضريبية، بالإضافة الى تواصل الانفاق على المجلس التشريعي المعطل ما أدى الى اهدار مئات الالاف من الدولارات.
وأشار التقرير الى وجود بعض المؤشرات الإيجابية، كإقرار الحكومة وتبنيها لوثيقة أجندة السياسات الوطنية رغم عدم تنفيذها له، كما بين أن 430 بلاغ وشكوى وصلت الائتلاف خلال 2017.
وافتتح وقائع المؤتمر المدير التنفيذي لائتلاف أمان مجدي أبو زيد، مشيرا إلى أن هذه التقرير تحول إلى عرفٍ سنوي يحظى بثقة المواطنين وصناع القرار لدوره الهام في رصد واقع نظام النزاهة الوطني بتطوراته وتحدياته على مدار عام كامل بهدف تقديم توصيات عملية قابلة للتنفيذ من شأنها أن تفضي إلى تقليص فرص الفساد، ما يدفع الائتلاف إلى الحرص على رصد المعلومات والحقائق من مصادرها وتوثيقها وتحليلها من قبل فريق إعداد التقرير رغم مماطلة وامتناع بعض الجهات الرسمية عن الإفصاح عن المعلومات أثناء مرحلة إعداد التقرير، إضافة إلى إشراك قرّاء خارجيين هذا العام هما الدكتور غسان الخطيب والدكتور مخيمر أبو سعدة في عملية مراجعة التقرير.
ولفت أبو زيد إلى أن المؤتمر يأتي في ظل تراجع انفتاح الحكومة على المجتمع المدني وتراجع في توفير المعلومات المتعلقة بالمال والشأن العام، إلا أن ذلك لم يمنع ائتلاف أمان من مواصلة عمله الرقابي على الأداء والإنفاق الحكومي والعمل على تشكيل رأي عام ضاغط من اجل تبني إجراءات محصنة ضد الفساد وسياسات مالية للسلطة الفلسطينية ترتكز على الشفافية وتحقق العدالة الاجتماعية.
الحسيني: على الحكومة تبنيَ سياسات تعد بالمزيد من العدالة
رئيس مجلس إدارة ائتلاف (أمان) عبد القادر الحسيني أشار من جهته إلى أن إطلاق هذا التقرير يشكل إسهاما رائدا في المساءلة على إدارة المال والشأن العام، خاصة في ظل استمرار غياب أصل المساءلة وهو المجلس التشريعي الفلسطيني الموحد ما يضع اعباءً مضاعفة على عاتق المجتمع المدني، في ظل بيئة عامة ما زالت مقوِضة لنظام النزاهة الوطني، بدءاً باستمرار ممارسات الاحتلال وخاصة ضد مدينة القدس ومواطنيها، مرورا بتأثير الانقسام السياسي مستنكرا محاولة الاغتيال التي تعرض لها موكب رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني د. رامي الحمد الله لما لها من دور في ضرب جهود المصالحة وتأبيد حالة الانقسام.
وِأشار الحسيني إلى انه على الرغم من وجود عدد من المؤشرات الايجابية كإقرار الحكومة الفلسطينية وتبنيها لوثيقة “أجندة السياسات الوطنية، المواطن أولاً، إلان أنها لم تلتزم بتنفيذ خطط التقشف واستراتيجيات إدارة المال العام وخفض العجز في الموازنة خلال العام المذكور، ولم تصدر قانون حق الحصول على المعلومات وقانون الارشيف الوطني دون مسوغ لذلك برغم الوعود المتكررة، وقيدت الانفتاح على المجتمع المدني، وبقيت سياسة الحكومة المنفتحة شعارا بعيدا عن التطبيق، وظلّ مفهومُ الشراكة مقيدا ومرهونا بمزاج المسؤولين في الحكومة.
شدد الحسيني على أن عام 2017 شهد تناميا خطيراً للفساد السياسي تمثلَ في تسييس التشريعات والقرارات كأحد افرازات الانقسام السياسي، الامرُ الذي كان له تداعياتٌ خطيرة وكارثية على معيشة المواطنين وكافة مناحي الحياة خاصة في قطاع غزة، مؤكدا ان الظروف الصعبة التي يمر بها شعبنا تستدعي وقفة جادة من القيادة الفلسطينية لتبني سياساتٍ وتدابيرَ تتمتع بالمزيد من الشفافية والعدالة، آملا ان يساهم التقرير بتوصياته في مساعدة صناع القرار على تذليل الفجوات والتحديات في منظومة النظام الوطني للنزاهة.
من جهتها شددت أوني رامبول- نائبة رئيسة الممثلية النرويجية لدى السلطة الوطنية على الأهمية التي يتمتع بها هذا التقرير لكونه يعمل كمقيم للتحديات والإيجابيات المؤثرة في جهود مكافحة الفساد، فضلا عن كونه يعكس صورة واضحة للممولين الذين لم يكونوا على علم بواقع مكافحة الفساد. ولفتت رامبول إلى أن هذا التقرير يعد فرصة ممتازة للمواطن الفلسطيني ان يعرف عن ويساهم في مكافحة الفساد في ظل غياب المساءلة والرقابة، مشددة ان ائتلاف الممولين يعتبر ان الجهود التي يبذلها ائتلاف أمان مكملا لما تظهره الحكومة من حرص على بناء مؤسسات قوية وشفافة، مشيرة إلى صعوبة إدارة جهود مكافحة الفساد في ظل بيئة اجتماعية سياسية معقدة، داعية ائتلاف أمان إلى الاستمرار في بناء قدراته وتطوير علاقات محلية ودولية بهدف تبني اليات جديدة وادماجها في عمل مؤسسات فلسطينية أخرى بهدف الوصول إلى معايير على مستوى عالٍ من الشفافية.
مظاهر متعددة للفساد السياسي
في ذات السياق ركز عضو مجلس إدارة ائتلاف أمان في قطاع غزة عصام يونس على غياب وجود هيئة متخصصة في مكافحة الفساد ما أثار التساؤلات حول عدم قيام المجلس التشريعي في غزة بتطبيق قانون مكافحة الفساد وجعل جهود مكافحة الفساد مبعثرة.
وشدد يونس في مداخلته على مظاهر الفساد السياسي كالقرارات التي صدرت بخصوص التقاعد المبكر، وصرف الموظفين العموميين والعسكريين، وما يتعلق ببعض قرارات الحكومة والتي جاءت كإجراءات عقابية ضد قطاع غزة وناسها، لافتا إلى وجود اشكاليات انتابت حالة وواقع المساءلة في قطاع غزة سيما بعد بدء استلام حكومة الوفاق لمهامها وادماج بعض المؤسسات المدنية كالتعليم والصحة، مع استمرار وجود قطاعات غير مندمجة بعد، خاصة قطاع العدالة، الامر الذي أدى إلى تضارب الصلاحيات وتداخلها، وعدم وضوح خطوط المساءلة، وزيادة الإفلات من العقاب.
2017 عام التراجع في نزاهة الحكم
وفي إجابته عن سؤال ما الجديد في عام 2017، أشار مستشار مجلس إدارة ائتلاف أمان د. عزمي الشعيبي إلى ان السمة العامة التي طبعت عام 2017 كانت تراجع النزاهة في الحكم وإدارة الشأن العام، والتي اتضحت في عدد من الممارسات والمظاهر.
من أبرز هذه المظاهر استمرار عدم الفصل بين السلطات في عام 2017، فضلا عن تردي أوضاع قطاع العدالة في هذا العام، وضعف ممانعة الحكومة امام سلطة مكتب الرئيس، الامر الذي ولّد فرصا كثيرا امام متنفذين لتقاسم المراكز والموارد.
من جهة ثانية ونتيجة لعدم الإخلاص في جهود انهاء الانقسام، جرى استخدام موضوع موازنة غزة من قبل طرفي الانقسام استخداما سياسا، ففي حين أعلن المجلس التشريعي في غزة ان إيرادات غزة وحدها تكفي للإنفاق وان ما تصرفه السلطة على غزة لا يزيد عن 19% من قيمة الموازنة العامة، بينما أعلنت الحكومة في الضفة انها تصرف أكثر من 34% من الموازنة على غزة، وبعد دراسة مفصلة للأرقام تبين أن ما ينفق على غزة فعليا هو 25% فقط من الموازنة العامة.
ولفت الشعيبي إلى ان عام 2017 شهد انخفاضا في عدد الموظفين في الضفة والقطاع من 156 الفا الى 136 الفا وذلك بعد قرارات انهاء الخدمات والتقاعد المبكر التي جاءت في إطار المناكفات السياسية، من جهة ثانية، كان هناك كلام كثير عن تحقيقات مع بعض الشخصيات الكبيرة في شبهات فساد لم تعلن هيئة مكافحة الفساد عن موقفها منها بسبب ضغوطات سياسية ومؤثرات خارجية تمارس عليها، ولم تصل محكمة جرائم الفساد بسبب تسويتها او خروج المتهمين من الوظيفة العامة، منها شبهة الاختلاس التي حدثت في الإدارة المالية العسكرية المركزية.
ومن الأمثلة الأخرى، أشار الشعيبي إلى انه تم تعيين رئيس لهيئة المدن الصناعية بشكل مخالف للأنظمة والقرارات وبراتب قارب 18000 دولار، فيما تم إنفاق ما قارب 17.5 مليون دولار لبناء قصر رئاسي لا يتوافق والاولويات الفلسطينية وقد تم تحويله في النهاية الى مكتبه عامة، فضلا عن أن عطاءات مكتب الرئيس لم تخضع لقانون الشراء العام ولا لرقابة مجلس الشراء الأعلى.
وختم الشعيبي حديثه بالإشارة إلى استمرار غياب الشفافية والمنافسة عن التعيينات في الوظائف العليا، مع تجاهل احترام مبدأ تكافؤ الفرص، حيث لم تنشر إعلانات التوظيف في الصحف، ولم تعقد مسابقات للتعيين، ولم تنجز بطاقة الوصف الوظيفي وتمت التعيينات دون رقابة من جهة رسمية مستقلة في كل من الضفة والقطاع.
استمرار البيئة التي تعيق جهود مكافحة الفساد
أظهر التقرير استمرار البيئة السلبية المؤثرة على بنية السلطة الوطنية وأعمالها، ما زاد من التحديات أمام تحصين نظام النزاهة الوطني. اذ استمر الاحتلال وسياساته العدوانية إلى جانب استمرار تأثير الانقسام وعدم إتمام المصالحة الفلسطينية على الحياة العامة للمواطن الفلسطيني، وما زاد من سوء الأوضاع استمرار سياسة تقليص التمويل والمساعدات الدولية للسلطة الفلسطينية، وتراجع إضافي لدور المجلس التشريعي بالتوازي مع ضعف دور السلطة القضائية والرقابة والمساءلة على إدارة المال والشأن العام مع تباطأ وتلكك في تنفيذ الاستراتيجيات القطاعية وأجندة السياسات الوطنية المعلنة من قبل الحكومة، وانغلاق الحكومة وضعف اشراكها لمؤسسات المجتمع ما عكس تردد الإرادة السياسية في مكافحة الفساد. هذه الاوضاع وغيرها انعكست في زيادة تردي الأحوال الاقتصادية للمواطنين وخاصة في قطاع غزة، ما أدى الى تفشي مظاهر الفساد في الغذاء والدواء والتنافس على الوظائف.
تطورات إيجابية وتحسن في بعض مجالات نظام النزاهة الوطني
رغم استمرار البيئة غير المواتية لمكافحة الفساد، بيّن التقرير أن عام 2017 لم يخلُ من بعض الممارسات الإيجابية كتبني الحكومة “لأجندة السياسات الوطنية، والتي حملت شعار (المواطن أولا) كوثيقة رسمية التزمت بمبدأ تعزيز المساءلة والشفافية في ترشيد إدارة المال والشأن العام.
من جهة ثانية، طرأ تحسن على منظومة المساءلة في بعض الجوانب كان أبرزها إجراء الانتخابات المحلية في الضفة الغربية، فيما عطلت حركة حماس إجراءها في القطاع، بينما نشرت النيابة العامة في غزة الدليل الإجرائي للعاملين في دائرة الشكاوى فيها والذي ينظم استقبال شكاوى الجمهور.
من جانب آخر، شهد نظام النزاهة الوطني تحسنا في بعض الجوانب كقيام ديوان الموظفين العام بإعداد الخطة الاستراتيجية الوطنية للخدمة المدنية 2017 – 2022” واستكمال “بطاقات الوصف الوظيفي” لعدد من الوظائف العامة وتحديد الوظائف الحساسة التي تستدعي التدوير الوظيفي عليها باستمرار.
فيما يتعلق بمبادئ الشفافية طرأ تحسن على شفافية بعض المواقع الإليكترونية الحكومية ومضمون ما تقدمه من معلومات وخدمات للمواطنين، وظهر ان معظم الوزارات في الضفة وغزة لها مواقع إلكترونية يسهل الوصول إليها، وهي متاحة باللغة العربية. أما في الجانب المتعلق بإدارة المال العام فقد طرأ تحسن تمثل باعتماد البوابة الموحدة للمساعدات الاجتماعية بهدف توزيع المساعدات لأكبر عدد ممكن من الأسر المحتاجة والفقيرة ودون ازدواجية.
تحديات تتراكم من أعوام سابقة.. ونظام النزاهة يراوح مكانه
على الرغم من التحسن في بعض الممارسات والاجراءات إلا أن تحديات جمة بقيت ماثلة امام تفعيل نظام النزاهة الوطني، بعضها استمرار لتحديات من أعوام سابقة كعدم اعتماد الخطة الوطنية الشاملة لمكافحة الفساد وخطة الترشيد والتقشف التفصيلية، وعدم إجراء الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية، والمحلية في قطاع غزة، إضافة الى استمرار شلل المجلس التشريعي الذي ترافق مع استمرار التراجع في دور السلطة القضائية.
فوضى في اصدار القوانين.. وتقييد لدور الاعلام في المساءلة
فعلى صعيد القضاء والتشريع كانت أبرز التحديات عدم إنجاز عملية الإصلاح بعد إصدار الرئيس مرسوما بتشكيل “اللجنة الوطنية لتطوير قطاع العدالة” بالإضافة الى استمرار حالة الفوضى والتسرع بإصدار قرارات بقانون في ظل غياب المجلس التشريعي، جاء جزء منها ضمن المناكفات السياسية بين حركتي فتح وحماس في كل من الضفة وغزة، أو بسبب تدخل المصالح الشخصية لبعض المتنفذين، بالإضافة الى تشريعات وممارسات رسمية حدت وقيدت من دور الإعلام في عملية المساءلة.
تراكم في عدد التقارير غير المصدرة
كما وتجلى القصور في نظم المساءلة في عدم وجود وحدات شكاوى حتى نهاية عام 2017 على المواقع الالكترونية لوزارة المالية والتخطيط ووزارة الشؤون الخارجية وشؤون المغتربين. بالإضافة إلى استمرار عدم إصدار وزارة المالية والتخطيط التقارير المالية بانتظام، وبشكل خاص عدم إعداد الحساب الختامي على الموازنة العامة لموازنات عامي 2014، 2015، ما انعكس سلبا على عملية المساءلة الفعلية عما تم إنفاقه وصعّب من التحقق من مدى الالتزام بقوانين الموازنات المقرة.
رواتب أعلى مما يتقاضاه الرئيس
اما التعيينات في الوظائف العليا فقد استمرت دون شفافية او منافسة عادلة، مع تجاهل احترام مبدأ تكافؤ الفرص، حيث لم تنشر إعلانات التوظيف في الصحف، ولم تعقد مسابقات للتعيين، ولم تنجز بطاقة الوصف الوظيفي وتمت التعيينات دون رقابة من جهة رسمية مستقلة في كل من الضفة والقطاع.
أدى استمرار غياب تحديد الدرجات الوظيفية ورواتب ومكافآت رؤساء المؤسسات العامة غير الوزارية إلى تعمق فجوة الرواتب حيث وصلت رواتب ومكافآت بعض رؤساء هذه المؤسسات الى أعلى مما يتقاضاه رئيس دولة فلسطين.
كما واستمرت ظاهرة الموظفين المفروزين للعمل لدى الفصائل الفلسطينية او شخصيات وطنية او منظمات وجمعيات غير حكومية مع تلقي رواتبهم من وزارة المالية، وضمن سياق ضعف النزاهة والشفافية في الوظيفة العامة حظي بعض موظفي العقود بامتيازات ورواتبَ عالية وبشكل مخالف لقــــــانون التعاقد، مع عدم تناسبها ومعدل الرواتب في فلسطين.
الانغلاق عن المجتمع وحجب المعلومات
احتوى تقرير واقع النزاهة ومكافحة الفساد لعام 2017 على تفصيلات توضح استمرار الضعف في مجال الشفافية وعدم الالتزام بمبادئها، نتيجة لضعف الإرادة السياسية نحو الانفتاح على المجتمع، كرفض رئاسة الوزراء التوقيع على ” تعهد الشفافية” المعد من ائتلاف المؤسسات الاهلية الدولية، والذي ينص على ضرورة تحلي الحكومة بالشفافية فيما يتعلق بالاستعراض الدوري لمدى التزامها في الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد واشراك المجتمع المدني في عمليات الاستعراض.
كما وتجلت أبرز التحديات في مبادئ الشفافية في عدم إصدار قانوني الحق في الحصول على المعلومات والأرشيف الوطني، واستمرار حجب الاتفاقيات العامة الموقعة بالنيابة عن الفلسطينيين، بالإضافة إلى حجب بعض المعلومات والقرارات أو عدم نشرها في الوقت المناسب، كتوقف نشر قرارات مجلس الوزراء عبر صفحته الإلكترونية منذ نيسان 2017، كما وأدت محدودية نشر المعلومات العامة عبر المواقع الإلكترونية لدى بعض الجهات الرسمية إلى قصور واضح في توفير المعلومات حول الخدمات التي تقدمها تلك الجهات كوزارة شؤون القدس التي لا يوجد لها موقع الكتروني.
أما في قطاع غزة، فلم تنشر معظم الوزارات تقاريرها السنوية وخططها الاستراتيجية ولم يقم ديوان الرقابة المالية والإدارية في غزة بنشر أي من تقارير التدقيق على الحساب الختامي أو التقارير الرقابية أو السنوية الأخرى وذلك لخشية النظام القائم في قطاع غزة من استخدام ما ينشر كمادة للمناكفات السياسية.
نفقات عامة لا تتناسب مع أولويات شعب تحت الاحتلال
على صعيد إدارة المال العام، ادى التردد في تنفيذ خطط وسياسات الترشيد والتقشف الى ظهور نفقات عامة لا تتناسب مع أولويات شعب تحت الاحتلال، كاستمرار استئجار وشراء وبناء المباني الحكومية الجديدة، وبناء قصر الضيافة الرئاسي، وتحويله لمكتبة عامة، ودفع رواتب وعلاوات لموظفين في شركة طيران غير موجودة عمليا. اما في قطاع غزة فظهرت عدة ممارسات عكست سوءاً في إدارة المال العام كتخصيص أراضي الدولة في “تل السكن التاريخية كتعويضات للموظفين، بالإضافة إلى إهدار المال العام في شركة مياه الساحل.
كما واجهت خطة الترشيد تحديات تمثلت بالخلل في بنية قطاع الامن واستمرار مقاومة التدوير وتحويل الفائض من أفراد الأجهزة الأمنية الى أجهزة أخرى، عدا عن وجود إشكاليات تتعلق بعمل مؤسسة الادارة المالية العسكرية المركزية.
430 بلاغا وشكوى لهيئة مكافحة الفساد.. 9% فقط منها حولت الى النيابة
وعن واقع قضايا الفساد في عام 2017، فقد ورد إلى هيئة مكافحة الفساد 430 بلاغا وشكوى (حتى تاريخ 6/12/2017) تابعت نيابة مكافحة الفساد 38 قضية منها، أي ما نسبته 9% من إجمالي القضايا التي وصلت إلى هيئة مكافحة الفساد. وحولت النيابة 21 قضية الى محكمة جرائم الفساد، وتعاملت مع 42 قضية مدورة من أعوام سابقة.
اعفاءات جمركية مُنِحَت خلافا للقانون.. وشبهات فساد في بيع أراضٍ كنسية وفي اتحاد نقابات عمال فلسطين
ورصد التقرير حالات فساد خلال العام منها: منح إعفاءات جمركية على شراء سيارات لمتنفذين خلافا للقانون، كشكل من أشكال المحاباة لدى أفراد مقربين من الطبقة السياسية، وتم تقديم شكوى رسمية للنائب العام بوجود شبهات فساد مالي وإداري في بيع أراضي الكنيسة الأرثوذكسية، بينما استمرت ظاهرة الفساد على المعابر في قطاع غزة، وظهرت بعض حالات اختلاس في قطاع المؤسسات الاهلية، إضافة الى شبهة فساد في الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين.
كما واستمر انتشار حالات الجرائم الاقتصادية في الضفة والقطاع، تمثلت بإعلان كل من وزارة الاقتصاد الوطني والضابطة الجمركية عن ضبط يومي لمنتجات غير صالحة للاستخدام البشري ما أظهر عدم فعالية مكافحة هذه الظاهرة بسبب تشتت الجهود نظرا لعدم وجود هيئة واحدة مختصة بالموضوع، بالإضافة إلى أن الأحكام العقابية غير رادعة في معظمها لمرتكبي تلك الانتهاكات والجرائم وعدم نشر أسماء الأصناف والأشخاص المتورطين ليتم معاقبتهم مجتمعيا.
قضايا تحت الضوء
سلط التقرير الضوء على بعض القضايا لما لها من أهمية تحتاج إلى متابعة فورية والتي تمثلت بضعف الرقابة والمساءلة على الخدمات العامة التي يديرها القطاع الخاص كضعف دور مجلس تنظيم قطاع الكهرباء والمياه، وعدم انشاء “هيئة تنظيم قطاع الاتصالات”، إلى جانب استمرار عدم تمكين “مجلس سياسات الشراء العام” للقيام بالرقابة والإشراف على جميع عطاءات الأشغال العامة والمشتريات.
كما ولفت التقرير أيضا الى تعطل إقرار نظام التأمين الصحي ونظام المساءلة عن الأخطاء الطبية، ما أدى الى إضعاف المساءلة عن الأخطاء الطبية وانهيار “نظام التأمين الصحي الفلسطيني” وألحق الضرر بموازنة الصحة، فضلا عن استمرار الخل في بنية الاجهزة الأمنية والمتمثل في ارتفاع عدد الضباط ما أثر سلباً على قدرة الأجهزة الأمنية في أداء واجباتها، نظراً لأن الجنود والرتب الدنيا في صف الضباط هم عماد العمل وتنفيذ الواجبات، كما أن ارتفاع عدد الضباط يشكل عبئاً على الموازنة العامة ويسبب تضخم فاتورة الرواتب للأجهزة الأمنية.
توصيات
وعلى ضوء ما ورد خرج التقرير بعدد من التوصيات على اصعدة مختلفة، فعلى صعيد تعزيز نزاهة الحكم والإدارة العامة للحكومة، طالب ائتلاف امان في تقريره السنوي جميع الاطراف السياسية في الضفة والقطاع الاسراع في تنفيذ إنهاء الانقسام وتمكين حكومة الوفاق الوطني من القيام بعملها في قطاع غزة وحل مشكلة الموظفين العالقة، إلى جانب مطالبة السيد الرئيس والحكومة الفلسطينية بضرورة إحياء وتفعيل السلطة التشريعية والدعوة الى اجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بأسرع وقت، بالتوازي مع تبني خطة انتقالية لإصلاح منظومة العدالة وتوحيد الجهاز القضائي وخطة وطنية شاملة من أجل “ترشيد النفقات العامة”، إلى جانب مطالبة مجلس الوزراء بإقرار بطاقات الوصف الوظيفي للفئات العليا والخاصة والمصادقة عليها، واتخاذ التدابير التي تضمن جدية القطاع العام في التعامل مع مدونة السلوك واخلاقيات الوظيفة العمومية
أما على صعيد تعزيز شفافية إدارة المال العام فأوصى ائتلاف أمان الحكومة بفتح ملف عدم شفافية الاجراءات المالية مع الجانب الإسرائيلي الذي يتلاعب بالأموال الفلسطينية، وضرورة نشر جميع الاتفاقات التي توقعها الحكومة نيابة عن الفلسطينيين، فضلا عن المطالبة بأن تقوم كل الجهات الرسمية بإعداد تقاريرها ونشرها واتاحتها للجمهور في وقت معقول ودون تأخير، بالإضافة إلى مطالبة مجلس الوزراء والرئيس بإنهاء والمصادقة على قانون الحق في الوصول الى المعلومات.
وفيما يخص تعزيز المساءلة في إدارة الشأن العام أوصى التقرير الحكومة الفلسطينية بالتشاور مع أصحاب العلاقة من اجل إعداد قانون خاص بالامتياز وقانون المنافسة ومنع الاحتكار، إلى جانب تشكيل وتمكين المجالس التنظيمية والرقابية للخدمات العامة التي يديرها القطاع الخاص، واعتماد الأنظمة المالية والإدارية للمؤسسات (العامة) الحكومية غير الوزارية وإعادة النظر برزمة الامتيازات الممنوحة لموظفي المراتب العليا في مؤسسات السلطة التي تعتبر أساسا في تشكيل فجوة الرواتب، مع مطالبة السيد الرئيس والحكومة بتعديل قانون مكافحة الفساد بالنص على إلزامية نشر (الافصاح) إقرار الذمة المالية لرئيس السلطة الفلسطينية والوزراء وأعضاء المجلس التشريعي وكبار موظفي الدولة في الجريدة الرسمية دوريا.
أخيرا وعلى صعيد تعزيز جهود مكافحة الفساد شدد التقرير على ضرورة قيام الحكومة بتبني وإقرار “الخطة الوطنية الشاملة عبر القطاعية للنزاهة ومكافحة الفساد”، وإصدار النظام الخاص المنصوص عليه في قانون مكافحة الفساد لحماية المبلغين عن الفساد وحمايتهم من الادعاء المضاد والإجراءات الانتقامية والكيدية، الى جانب وضع نظام او لائحة لتنظيم إجراءات انتقال الوزراء والنواب ومأموري الضرائب والجمارك للعمل في القطاع الخاص، فضلا عن أهمية استجابة الحكومة لملاحظات فريق استعراض تنفيذ فلسطين لاتفاقية الأمم المتحدة.
1