ترجمات عبرية

أماتسيا حن – لنرمم مفهوم الامن

إسرائيل اليوم – بقلم  أماتسيا حن – 16/12/2018

“استراتيجية الاحتواء” هي القاسم المشترك لاطلاق المخربين النار على أبواب عوفرا وفي جفعات اساف في اليوم التالي، والحالتان مرتبطتان بشدة بـ “العمليات البطولية” لكشف انفاق حزب الله في الحدود الشمالية.

ثلاثة الاحداث وغيرها، هي نتاج الانعطافة البائسة في سياسة الامن القومي التي تجذرت في اسرائيل بعد حملة “سلامة الجليل” في 1982. فقد ألحقت ضررا جسيما بالامن، لدرجة الدمار دون أن يطرحها احد على البحث او يقرر تثبيت انعطافة متطرفة بهذا القدر في حياة دولة اسرائيل.

حتى هذه الانعطافة عمل جيش الدفاع الاسرائيلي وفقا لمفهوم الامن القومي كما وضعه وثبته رئيس الوزراء الاول بن غوريون. وبموجبه، كان الجيش الاسرائيلي مطالبا بان ينفذ الحرب في ارض العدو، الامر الذي يستوجب الابقاء على الخيار في ايدينا، لنديرها في زمن قصير في ضوء قيود الساحة الدولية، وانهائها بحسم موضعي واضح يبقي ردعا حقيقيا.

كيف حصل إذن انه بعد أن اقمنا دولة من العدم، في تداخل رائع من استيعاب الهجرة وبناء البنى التحتية في ظل القتال المتواصل، نفذنا بعد 35 سنة من الاستقلال “انعطافة التفافة حدوة حصان” تحطم في اطارها، تآكل وتمزق حتى النهاية مفهوم الامن الفاخر لجيل المؤسسين. هكذا زرعت استراتيجية الاحتواء، التي لا يوجد ما هو اسوأ منها للامن بشكل عام، وضد الارهاب بشكل خاص، لانها تركز حصريا في الحفاظ على الممتلكات والارواح. معنى هذه الاستراتيجية هو هجر المبادرة ونقلها الى العدو، بشكل يسمح لكارهي اسرائيل بان يقرروا الموعد، المكان والقوة للضربة الموجهة لجنودنا ولسيادتنا.

ليس عبثا في ظل الضحالة السائدة في فهم الامن، يتميز التفكير القومي بالمقاييس السابقة دون أن نستوعب بانه منذ 35 سنة، في اعقاب الانعطافة في سياسة الامن القومي، سيطرت استراتيجية الاحتواء. فهي التي أدت الى فقدان الخيار للخروج الى الحرب، وانعدام الحرص على ادارتها في زمن قصير (انظر حالة 51 يوما من حملة “الجرف الصامد”) وانهائها بحسم موضعي واضح، والذي معناه الوحيد: التخلي طوعا عن عنصر الردع.

في غياب الردع، لا يوجد ما يمنح حماس من املاء السياسة، بما في ذلك مزايا وشروط “التسوية”. ومثلها منظمة حزب الله، التي منذ زمن بعيد “كفت عن ايلاء الاهتمام” باقوى الجيوش في الشرق الاوسط، بعد ان طردته مكللا بالعار من لبنان؛ فما بالك بفضل “التعادل” مع الجيش  الاسرائيلي في حرب لبنان الثانية. وها هو السبب والتفسير لمعنى حفر الانفاق تحت الارض السيادية لاسرائيل، دون اي  تخوف من رد فعل الجيش الاسرائيلي. اما عندنا، فالعكس تماما: فكم خوفا جسد طلب رئيس الاركان  من الكابنت (حسب المنشورات) للتصدي لجبهة واحدة، الى جانب الدراما التي رافقت استخدام الاليات الهندسية لكشف انفاق حزب الله، وكأن الحديث يدور عن احتلال القمر.

لا يوجد أي عجب من أنه بدون الردع، فان منظمات الارهاب في السامرة ويهودا، ومعها ابناء وبنات فلسطين، كفوا عن ان يروا في مقاتلي الجيش الاسرائيلي عنصرا رادعا. وتتجسد الظاهرة المؤسفة في كل يوم في رشق الحجارة والزجاجات الحارقة، وتهجم الطفلات على جنود الجيش الاسرائيلي وهن يحملن المقصات، واعمال الطعن التي يقومون بها، وكل هذه ترافقها محاولات الدهس واطلاق النار من السيارات المارة.

بعد 35 سنة طبق فيها رؤساء الاركان وحكومات اسرائيل على اجيالها استراتيجية الاحتواء، بات واجبا إذن تغيير الاتجاه. يجب العودة الى مفهوم الامن الوطني السابق. وباستثناء الاوهام التي نثرت في مطارحنا دون حساب، فان الامر الاساس الذي لم يتغير وبقي على حاله: تصميم العدو.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى