ألون بنكاس – ترامب وبوتين لا يعملان عندنا

يديعوت – مقال – 20/12/2018
بقلم: ألون بنكاس
قبل اسبوع بالضبط روى لي عضو في الكونغرس فقال: “اسمع، وزير الدفاع جيمس ماتس قال لي، على هامش حديث في موضوع اليمن، ان الرئيس يعتزم الاعلان عن انسحاب كامل للجنود الامريكيين الـ 2.000 من سوريا”. فما هو الجديد هنا؟ سألت. هذا شيء قال منذ زمن بعيد انه سيفعله وليس لكم اي مصالح حيوية في سوريا.
فأجاب: “أنت لا تفهم. فقد قال ذلك كي نخلق ضغطا على الرئيس. ترك الاكراد لمصيرهم، تعزيز ايران في سوريا، ابقاء روسيا كمقررة حصرية للسياسة، صفعة لاسرائيل”. فماذا إذن؟ سألت. وما هو الجديد في ذلك؟ نظر عضو الكونغرس الي وقال: “أيعتقد نتنياهو حقا بان بوتين هو صديقكم وترامب حليف، آه؟ فكروا مرة اخرى. نحن لن نضغط”.
وهو محق. فتقييد نشاط الجيش الاسرائيلي في سوريا، نصب بطاريات اس 300 وربما اس 400، بوتين لا يتحدث حقا مع نتنياهو، وترامب “أعظم الاصدقاء” منذ السبعينيات، لا يقول كلمة.
ومع ذلك، فان اخلاء ترامب القوة الامريكية الصغيرة في سوريا بدعوى ان “داعش هزم”، لا يجب ان يفاجئنا. فالقرار هو منسجم تماما ويواصل الميل الصرف للعقد الاخير: انسحاب استراتيجي تدريجي من الشرق الاوسط. الولايات المتحدة لم تعد هنا، حتى لو كان للسعودية واسرائيل قلق هجران وميل لان تكونا متفاجئتين.
لقد بدأ اوباما المسيرة، بتغيير سلم الاولويات وباعادة تعريف المصالح الامريكية – وترامب يواصل ذلك.
يوجد لهذا أربعة اسباب أساسية:
1. الاستقلال في الطاقة: الولايات المتحدة لم تعد تحتاج للنفط من الشرق الاوسط، ويمكنها أن تنتج اكثر من السعودية وروسيا معا بفضل تكنولوجيات التنقيب عن مشتقات النفط.
2. التعب والنزف المتواصلين كنتيجة للمغامرات العسكرية في افغانستان وفي العراق.
3. الصحوة وخيبة الامل المتواصلة من العالم العربي، وانعدام الحاجة لتحالفات مؤيدة لامريكا لصد الاتحاد السوفياتي الذي تفكك.
4. نقل مركز المصالح الامريكية الى شرق آسيا، وبالاساس التعاظم الجغرافي – السياسي للصين.
لقد وجد هذا الانسحاب تعبيره في مصر، ليبيا، اليمن، سوريا، قطر، اسرائيل والفلسطينيين. ايران بقيت موضوعا هاما، ولكنها لا تحتاج الى تواجد عسكري ودبلوماسي.
قبل ستة اشهر صرح ترامب بان في نيته سحب القوات الامريكية من سوريا. بضغط وزير الدفاع ماتس، أجل القرار. وفي اثناء كانون الاول نفذ الامريكيون 250 هجوما جوية ضد أهداف داعش. قبل ثلاثة اسابيع قال رئيس الاركان الجنرال جوزيف دنفورد ان مهامة الولايات المتحدة في سوريا “لم تكتمل بعد” وشدد على الالتزام بالميليشيا الكردية التي تقاتل مع الامريكيين ضد داعش في شمال شرق سوريا. قبل اسبوعين اعلن مستشار الامن القومي جون بولتون بان “الولايات المتحدة لن تنسحب من سوريا طالما لا تنسحب ايران من سوريا”. وقبل ثلاثة ايام قال الرئيس التركي اردوغان لترامب انه سيبدأ بعملية عسكرية ضد الاكراد.
إذن قالوا.
لترامب يوجد جدول أعمال آخر، وحسابات سياسية اخرى. وما يشغل باله هو روبرت مولر، وليس بنيامين نتنياهو.
ان ميل ترامب للاستخفاف باسرة الاستخبارات وبالمؤسسة الامنية ليس جديدا. فقد حصل هذا في مواضيع الاتفاق النووي مع ايران، الاستعداد الحقيقي لكوريا الشمالية لنزع سلاحه النوو التدخل الروسي في محاولة حرف الانتخابات في 2016، المواجهة بين السعودية وقطر، دور محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، في قتل جمال خاشقجي، التواجد الحقيقي لداعش في سوريا.
سواء كان ايجابا أم سلبا، فان ترامب لا ينصت ولا يستمع لاستخباراته. وحسب شهادات مختلفة فانه حتى لا يقرأ المواد الاستخبارية أو يبدي الاستعداد لان يستمع لاكثر من بضع دقائق لجولات اطلاع الرئيس اليومية.
قد تكون سيناريوهات الرعب الاقليمية مبالغا فيها. ولكن شيئا واحدا ينبغي استخلاصه الا وهو ان ترامب وبوتين لا يعملان لدى نتنياهو، رغم الانطباع الذي يواصل خلقه.