ألوف بن يكتب – أجل. نتنياهو يشبه تشرشل
بقلم: ألوف بن، هآرتس 5/10/201
بنيامين نتنياهو معروف بكونه من المعجبين بتشرتشل في مكتب رئيس الحكومة في القدس، معروضه صورة وتمثال للأسد الذي قاد بريطانيا في الحرب العالمية الثانية وقاد حلفاءها للنصر على النازيين. نتنياهو يريد أن يتم تذكره كنبي الغضب الذي حذر من اتفاقات أوسلو ومن الاتفاق النووي الإيراني، ووقف وحده أمام المؤسسة الاسرائيلية وحكام الغرب الذين تملقوا ياسر عرفات وعلي خامنئي- مثلما حذر تشرشل في سنوات الثلاثينات من الخطر المتجسد في أدولف هتلر أمام المؤسسة البريطانية التي فضلت التصالح مع ألمانيا. كما أن هنالك خطوط تشابه أخرى بين نتنياهو وتشرشل: الخلفية الأمريكية، تدخين السيجار، القدرة الخطابية وصياغة الشعارات، الميل للتصوير، والعيش على حساب أصحاب الملايين، وتركيز القوة السياسية. “الكابينت حقير، رجال بلهاء معظمهم لا يوافقون مع وينستون ولكن أحداً منهم لا يستطيع أن يقول ذلك: وينستون هو ديكتاتور، قراراته ليست قابلة للمناقشة، وزملاؤه يخافون منه”. كتب هذا عن تشرشل نظيره الاسترالي روبرت متزيس، الذي زار لندن أثناء الحرب. وبالامكان كتابة نص مشابه عن حكومة اسرائيل الحالية، وحتى إذا خففنا قليلاً من الإهانات.
ولكن الشبه الأكثر وضوحاً بين تشرشل ونتنياهو يتعلق بسياستهما وليست في شخصيتيهما. السيد ونستون لم يكن فقط هو ممن وقف أمام هتلر ورفض التصالح معه. لقد كان أيضاً هو المؤيد المبهرج والأكثر وضوحاً للامبراطورية والكولونيالية البريطانية. لقد اعتاد كتّاب السيرة الشخصية المعجبين به تقزيم هذا الجانب من سيرته الطويلة. حيث كان يؤمن بتفوق العرق الأبيض، وخاصة الشعوب التي تتحدث الانجليزية، على السكان الأصليين للمستعمرات. لقد كان يحتقر الهنود وثقافتهم واحتقر بشكل خاص المهاتما غاندي (” شخص بائس فقير نصف عاري”). وقد دعى المحاربين من أجل حرية كينيا “متوحشون مسلحين بالأفكار” والعرب سماهم: “قبائل بربرية أكلوا بالأساس روث الجمال”.في ذروة الحرب ضد هتلر، طلبت حكومته أن يقوم الجيش الأمريكي بتقليص قدر الإمكان وضع جنود سود على الأراضي البريطانية، وتشرشل رفض مساعدة الذين كانوا يعانون من الجوع الشديد في الهند، وكان لامبالياً إزاء ضحاياه الذين بلغ عددهم المليون، والذي اتهمهم بتخزين الطعام لأهداف المضاربة.
نتنياهو لا يتحدث بعنصرية واستعلاء كهذا، وإن كان، ومثل تشرشل، فخوراً بإنتمائه للغرب وللّغة الانجليزية، ولم يظهر في يوم ما أي قدر من الاهتمام بلغة، وبثقافة أو بتاريخ العرب أو الاسلام، أوطالبي اللجوء الأفارقة. هو يعتبر سيطرة اسرائيل على المناطق وعلى ملايين السكان الفلسطنيين فيها، كضرورة قومية وأمنية بالضبط، مثلما قال قدوته بضرورة وأهمية الامبراطورية البريطانية.
النقاش السياسي في اسرائيل مليء بالمقارنات التاريخية الألمانية النارية. وهذا هو التاريخ الذي يعلمونه هنا، والأمثلة معروفة لكل اسرائيلي وتثير المشاعر بسبب الكارثة. ولكن المقارنة مرفوضة، حتى بعد قانون القومية. إذا بحثنا عن تشابه بين اسرائيل الحالية وبين دولة عظمى اوروبية في سنوات الثلاثينيات فإن بريطانيا هي مناسبة أكثر بكثير لهذا الدور من ألمانيا، ايطاليا، اسبانيا أو هنغاريا.
لأن البريطانيين شكلوا ديموقراطية في وست منستر وديكتاتورية في الهند، وفي افريقيا وفي فلسطين-بالضبط مثلما تفعل اسرائيل التي لديها ديمقراطية في تل أبيب وجفعات رام و”رؤيا عدوانية” في نابلس والخليل. هنا يوجد شرف الانسان وحريته وهناك أوامر القائد العسكري للمنطقة. بالضبط مثلما كرّس البريطانيون طاقة لا تنفذ لقضايا قانونية مثل حق الملك في الزواج من امرأة مطلقة امريكية، في الوقت الذي سجنوا لسنوات طويلة زعماء حركات الاستقلال الهندية، غاندي، نهرو.التشابه لا يقتصر على مواقف الزعماء. في بريطانيا لم يكن في يوم من الأيام حركة لها وزن مناوئة للامبريالية ومناوئة للكولونالية. منتقدو الامبراطورية وقمع رعاياها – وقد كان هناك أناس كهؤلاء –مثل جورج اورويل، بفيلمه الكلاسيكي: “اطلق النار على الفيل” –لم ينتظموا في يوم ما كقوة سياسية ولم يثيروا احتجاجاً جماهيرياً مثل معارضي العبودية والفصل العنصري في امريكا. البريطانيون أحبوا الامبراطورية، وحتى لو أنهم أحياناً شعروا بعدم الرضى. السيطرة على الهند والطريق إليها اعتبرت كمصلحة وطنية أهم بكثير من حقوق الرعايا. كذلك في اسرائيل ليس هنالك معارضة حقيقية للاحتلال. النظام السياسي ينظر إلى السيطرة على المناطق وعلى الفلسطينيين من منظور ما بين أمر الهي، شظية في المؤخرة، وضرورة سياسية. (“لا يوجد شريك”). الجميع يعيش مرتاحاً متعايشاً مع النظام المزدوج لاحترام الإنسان هنا وأوامر القائد العسكري هناك. الاقلاء الذين يكشفون عن هذه الازدواجية يتم عرضهم في التيار العام الإعلامي والسياسي كخونة أو غريبي الأطوار.في نهاية الامر ،الامبراطورية البريطانية لم تنهار بسبب احتجاج داخلي، أو بتصويت في الأمم المتحدة أو مقاطعة دولية. لقد انهارت لأن بريطانيا احتاجت لأمريكا من أجل انقاذها في الحرب، وفي الأزمة الاقتصادية التي اعقبتها، وثمن الانقاذ كان استقلال الهند وفيما بعد للمستعمرات الأخرى في الشرق الأوسط، وآسيا وافريقيا.
المؤرخ البريطاني “ريتشارد توي” كتب في كتابه “امبراطورية تشرشل” أن الأسد العجوز أدرك هذا جيداً، بالرغم من أنه علناً تحدث ضد تصفية الامبراطورية،وفي حوارات خاصة وعد زملاءه بأن الكراهية ما بين الهنود والمسلمين تضمن بقاء البريطانية في الهند. فقط فشله في الانتخابات في نهاية الحرب حرر تشرشل من مهمة التصفية الفعلية، والتي القيت على كاهل خليفته “كليمنت أتيلي”
كيف ستنتهي قصة نتنياهو؟