أكرم عطا الله : المشروع الوطني.. تآكل أعمدة الخيمة الأربعة..!
بقلم : أكرم عطا الله ١٢-٤-٢٠١٨م
الوضع الفلسطيني ليس بخير وتلك لا تحتاج إلى كثير من البراهين لإثباتها فالتآكل الداخلي في الحالة الفلسطينية يبلغ حدا لم تصله الحركة الوطنية في اسوأ مراحلها انحدارا في ظل غياب مؤسسات حقيقية وفاعلة لما أصاب تلك المؤسسات من عطب سواء بفعل الصراعات الداخلية أو بفعل غياب التجديد أو حتى لظروف موضوعية ومناخات لم تعد في صالح الفلسطينيين ولكن البعد الذاتي كان الأكثر تأثيرا هذه المرة.
عندما نتحدث عن المؤسسات أو الفواعل الكبرى في الحالة الفلسطينية فإننا نتحدث عن أربعة وهي منظمة التحرير والسلطة الوطنية وحركتي فتح وحماس وتلك جميعها التي تعتبر الحوامل الرئيسية لمشروع التحرر الوطني بغض النظر عن المواقف الحزبية لكننا هنا نتحدث عن قوى كبرى وتلك جميعها تبدو على درجة من الوهن والضعف يجعل من الثقة بقدرتها على حمل المشروع الوطني مسألة مشكوك فيها بعد أن تعرضت لما تعرضت له من ضعف أو إضعاف.
منظمة التحرير الفلسطينية ليست هيكل فوقي ممثلا باللجنة التنفيذية والمجلس المركزي والوطني بقدر ما هي أولا الوعاء الذي يحتوي كل قوى الشعب الفلسطيني واتحاداته العمالية والطلابية والمرأة وغير ذلك فلا هي تضم كل القوى بعد أن حدثت تغيرات في بنية المجتمع السياسي الفلسطيني لصالح بروز قوى جديدة واضمحلال قوى تاريخية ولا الاتحادات بقيت قائمة سوى من اسمها العام وربما مكتب ولافتة.
أما السلطة الوطنية التي تصارع عليها أبناؤها بعد آخر انتخابات جرت قل عقد ونصف وفقدت فيها كل المؤسسات شرعيتها فهي تسير بالدفع الذاتي فيما أن جسم التشريع والرقابة على عمل السلطة أصبح خارج الخدمة منذ أكثر عقد بل تعرضت السلطة إلى ضربة شديدة كسرت عمودها الفقري عندما حدث الصدام عام 2007 حيث جرى ابعاد السلطة من قطاع غزة انتهى بهذا المشهد الحزين والذي لا زال الفلسطينيون يعالجون آثاره ويبدو أنهم لن يتمكنوا.
أما حركة فتح والتي خسرت انتخابات المجلس التشريعي تعرضت لهزة إضافية لا أحد يعرف مدى تأثيرها حتى الآن تمثلت تلك بإبعاد إحدي الشخصيات غير الهامشية فيها “محمد دحلان” والذي يقتطع جزء من المؤيدين له من الحركة ويتجلى ذلك بشكل أكثر وضوحا في غزة منه في الضفة الغربية ومع انغلاق مسار التسوية كخيار اعتمدته تعود أسئلة الدور الوظيفي بثقلها على الحركة أي أنها بكل الظروف ليست بقوتها التي عرفناها يوما فقد تعرضت لعملية اضعاف هي الأبرز منذ انطلاقتها.
أما حركة حماس التي حصرت نفسها في قطاع غزة بعمل غير محسوب تعرضت لعملية ضغط ونزع أنياب على مدار السنوات الماضية سواء بالحروب أو بالحصار أو بالإضعاف المتعمد ولم تعد الحركة التي كانت عليه منذ عقد و نصف وهي مفعمة بالحماسة الوطنية بل تعرضت لعملية تدجين من قبل قوى إقليمية ومحلية ودولية أضعفت مسارها واندفاعها وحيويتها التي كانت يوما ما.
وهنا الحديث عن فواعل رئيسية ” طبعا مختلف عليها من قبل الكثير بفعل الانقسام الحاصل” لكن هذه المختلف عليها فإنها بحكم الواقع تشكل أعمدة الخيمة الأربعة الرئيسية للشعب الفلسطيني كواقع كتل سياسية ومراكز قرار ولا يقلل ذلك من حضور كتل أخرى ولكنها ليست بتلك القوة بل ينحصر الحديث هنا عن أربعة رئيسية يفترض أنها الحامل الرئيسي للمشروع وتلك بصورتها الراهنة وما وصلت إليه من تراجع تعطي تصورا تشاؤميا لمستوى القدرة الفلسطينية على الاستمرار بالمشروع.
ما يزيد الطين بلة هو مجموعة الصراعات بين تلك الحوامل الآخذة بالضعف إذ تنشغل فيما بينها في مجموعة إشكاليات بالغة التعقيد كمنظمة التحرير وإشكالية عقد المجلس الوطني والسلطة وإشكالية الانقسام والانتخابات وحركة فتح وإشكاليات الخلاف الداخلي وحماس وإشكالية البرنامج والمسار إذ دخلت جميعها في حالة من العبث التي لا تبشر كثيرا لذا من غير المصادف أن نرى هذا الانحدار بخط بياني ثابت دون أن نرى أي أمل بل مزيدا من الأزمة والتأزيم سواء على الصعد الداخلية أو على صعيد الصراع مع إسرائيل .. كل ذلك ليس مصادفات..!