ترجمات عبرية

أفيتال ليفوفيتش / مشاكل في العناوين الرئيسة

معاريف – بقلم  أفيتال ليفوفيتش * – 24/5/2018

في نيسان 2002 خاض الجيش الاسرائيلي عملية في مخيم اللاجئين جنين. وكانت الرواية الفلسطينية كاذبة واشارت الى أن اسرائيل قتلت المئات بل وربما الالاف من الفلسطينيين الابرياء. وسرعان ما اختارت وسائل الاعلام العالمية التمسك بهذه الرواية. وخلقت BBC World عناوين رئيسة دراماتيكية واستخدمت عبارة “مذبحة” في تناولها للمصابين الفلسطينيين. وهكذا مثلا نشر في نيسان 2002 تقرير بعنوان “أدلة كبيرة على مذبحة جنين”. بعد بضعة ايام من ذلك انكشفت الحقيقة، وما وصف بانه “الاف المصابين” اصبح 52. اما أثر الرواية، بالمقابل، فبقي لزمن طويل. فالعناوين الرئيسة المضللة في وسائل الاعلام العالمية ليست ظاهرة جديدة. ورغم ذلك، فان التغطية الاخيرة لاضطرابات العنف على حدود غزة تركتني بلا كلمات. ففي مقال “NPR” الذي نشر في 14 أيار زعم ان “عشرات الاف الفلسطينيين احتجوا على فتح السفارة” – الامر الذي هو غير صحيح على الاطلاق. فالفلسطينيون يشاغبون على حدود غزة منذ نهاية اذار مطالبين بالسماح لهم “بالعودة” لما يسمونه “وطنهم”. بل انهم وصفوا هذه الاضطرابات بانها “مسيرة العودة”.  وعليه، فلماذا تختار وسيلة إعلامية محترمة مثل “NPR” خلق سياق مختلف لهذه الاضطرابات، حتى الفلسطينيين لم يفعلوه.

“ال باييس”، وهي وسيلة إعلامية رائدة في اسبانيا، نشرت في 15 أيار مقالا وصف الاضطرابات العنيفة بانها “مسيرة ضد نقل السفارة الامريكية الى القدس”. مرة أخرى لا توجد صلة بين الحدثين، ولكن بالتأكيد هذا يساعد على خلق قصة مشوقة اكثر للقراء. اقتباس اشكالي آخر في”NPR“”اكثر من 1.200 شخص أصيبوا بالنار. لا يوجد أي وصف لما كان عليه الوضع في الميدان. فلو كنت هبطت من كوكب آخر وقرأت هذه الجملة لافترضت بان هؤلاء أناس محبون للسلام قتلوا بلا مبرر. حماس لم تذكر في القصة حتى ولا مرة واحدة، وكأن لا صلة لها بالاضطرابات وكأنها لم تستثمر ملايين الدولارات في هذا المعركة العنيفة. وهكذا فان القراء يقتادون الى الايمان بواقع مختلف تماما عن الواقع العربي.

لا شك أن التأطير هو قوة هائلة: فهو يمكنه أن يكون مضللا، يلمح بزاوية معينة ويخفي زوايا أخرى كي يبرز أجندة معينة. وهاكم مثالا ممتاز: BuzzFeed نشر ملف صور في 14 أيار. واختار المحرر 12 صورة – 6 منها وصفت العنف في غزة و 6 منها افتتاح السفارة الامريكية في القدس. ومع ذلك، فان ترتيب الصور اختير عن قصد بحيث يحرج إسرائيل ويبعث العطف على الفلسطينيين. هكذا مثلا، في الصفحة الثانية من الملف تظهر صورة وكتب معها “فلسطيني يحمل متظاهرين جرحى في اثناء المواجهات”، اما في الصورة الدنيا فتظهر ايفانكا ترامب مبتسمة وهي تنزع الستار عن يافطة السفارة الجديدة.

مع أنه محزن لي أن يصاب المدنيون في غزة، فلا يمكن التجاهل لحقيقة أن بعض وسائل الاعلام الدولية فقط وصلت بشكل اصيل العنف في  الضفة. قلة اشارت الى حاجة الدولة السيادية للدفاع عن نفسها. والقليل لا يكفي. ففي كل ما يتعلق بالشرق الأوسط الفوضوي، على وسائل الاعلام ان تكون مسؤولة أكثر من أن تنتج عناوين رئيسة (معروفة). يمكنها ان تكون أدوات خطيرة جدا في ايدي الإرهابيين وتفويت هدفها الأصلي – اطلاع الجمهور بشكل موضوعي على آخر الاخبار.

* مقدم احتياط، المديرة العامة للجنة اليهودية الامريكية :  في اسرائيل والناطق بلسان الجيش للاعلام الاجنبي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى