أفرايم كام يكتب – اخلاء الإيرانيين : مصلحة الاسد وروسيا

اسرائيل اليوم – بقلم أفرايم كام – 11 /6/2018
نية ايران واضحة: الابقاء لمدى طويل القوات الايرانية والشيعية التي بقيادتها في سوريا، لتعزيز نفوذها في سوريا، في لبنان وفي العراق وخلق تهديد موسع وذي مغزى اكبر على اسرائيل من جهة سوريا ايضا. غير أن الامور تعقدت من ناحيتها مؤخرا، وثارت علامة استفهام على مستقبل القوات في سوريا.
ليس لدى طهران جواب على الهجمات الاسرائيلية على الاهداف الايرانية في سوريا: فقواتها وقواعدها في سوريا معرضة للهجمات الاسرائيلية. وسلاح الجو الايراني أدنى جدا من الاسرائيلي ولا يتوجد في الساحة السورية. والدفاع الجوي عن الاهداف الايرانية ليس كافيا. وروسيا لا تساعد ايران ضد الهجمات. لقد هددت ايران برد اليم على الهجمات، ولكنها ردت في هذه الاثناء مرتين – باطلاق الطائرة المسيرة التي تحمل مواد تخريبية الى الاراضي الاسرائيلية، وبنار الصواريخ باتجاه هضبة الجولان في المواجهة التي نشبت في 10 ايار – وفشلت في كليهما.
جراء ذلك نشب توتر بين ايران وروسيا، وذلك ضمن امور اخرى في ضوء الوضع الذي احتلت فيه روسيا مكان ايران بصفتها اللاعب الخارجي الاهم في سوريا. كما أن الايرانيين يشكون بان روسيا تسعى الى تتصدى منح المساعدة الاقتصادية لنظام الاسد لاعمار سوريا، على حسابهم. كما ان العلاقة المتواصلة بين روسيا واسرائيل، على اعلى المستويات، والتي تحتل فيها مسألة القوات الاجنبية في روسيا مركز الصدارة – لا بد تقلق ايران.
ينعكس التوتر بين روسيا وايران ايضا في مسألة القوات الايرانية – الشيوعية في سوريا. فروسيا تتطلع علنا لان تقلص دور ايران وفروعها في سوريا، لان تطلعات ونشاطات ايران في الجبهة السورية تورط الجيش السوري ايضا، تجعل من الصعب الوصول الى تسوية في سوريا ومن شأنها ان تعرض نظام الاسد للخطر. فقد قالت شخصيات روسية ان كل القوات الاجنبية، بما فيها القوات الايرانية وقوات حزب الله – ستخرج من سوريا، والجيش السوري وحده سيبقى في جنوب سوريا، بجوار الحدود مع اسرائيل والاردن. وعلى هذا ردت محافل ايرانية بان تواجد القوات الايرانية في سوريا ليس مؤقتا وسيستمر ايضا على مقربة من الحدود الجنوبية.
يحتمل ان ينضم نظام الاسد ايضا الى الضغط لتقديره بان المساعدة الهامة التي تلقاها من ايران لاستقرار نظامه قريبة من استنفاد نفسها، بعد ان استقر النظام وضعف اعداؤه. من هنا فان استمرار تواجد القوات الايرانية/ الشيعية في سوريا معناه هجمات اسرائيلية اخرى ضد اهداف سورية.
يمكن بالتالي ان يكون النظام يقدر الان بان تواجد هذه القوات في سوريا يتحول من ذخر الى عبء، وان امكانية توسع المواجهة مع اسرائيل تعرض مستقبله للخطر. انطلاقا من هذا الاعتبار فان النظام كفيل بان يقدر بان من الافضل له ان يتحرر من التعلق بقوات اجنبية ويبني استقراره بقوات الذاتية ومن خلال المساعدة الاقتصادية – ناهيك عن ان اسرائيل هي الاخرى تبث رسالة انها مستعدة لان تسلم باستمرار حكمه، اذا ما اخرج القوات المرتبطة بايران من سوريا.
للضغط على ايران في مسألة دورها في سوريا يضاف جانب داخلي. فليس الكل في ايران يؤيد الدور، والذي هو اغلب الظن، ثمرة مبادرة وتأييد الحرس الثوري، قوة القدس ومحافل متطرفة اخرى. فمحافل اكثر اعتدالا في ايران تتحفظ من هذا الدور في سوريا، سواء جراء الخسائر التي لحقت بالقوات الايرانية أم جراء الكلفة المالية الباهظة على المالية الايرانية. ووجد هذا التحفظ تعبيره في المظاهرات الاخيرة في ايران، والتي دعت فيها الجماهير الى وقف النفقات الايرانية العالية في سوريا وفي دول اخرى ونقلها في صالح الشعب الايراني.
استنتاج الامر هو انه اذا توصل نظام الاسد وروسيا الى تفاهم يقضي بانهما يفضلان ابعاد القوات التي تحت السيطرة الايرانية عن الحدود مع اسرائيل، ستضطر ايران الى أن تنفذ ذلك رغم نواياها المعلنة لمواصلة التواجد في هذه الجبهة. ومع ذلك معقول اكثر الافتراض بان ايران لن تكون مطالبة في هذه المرحلة باخراج عموم قواتها من الاراضي السورية، وان نظام الاسد سيكتفي بابعادها عن حدود اسرائيل، بشكل يقلص مخاطر المواجهة بين ايران واسرائيل. كما أنه ليس واضحا ماذا سيكون مستقبل المنشآت لبناء السلاح النوعي وتركيب رؤوس متفجرة دقيقة بنتها ايران من أجل حزب الله، وكم ستنجح في تنمية السبل لتجاوز الضغط لاخلاء قواتها.