أقلام وأراء

أشرف العجرمي يكتب – يوم الأرض: لتتحوّل الانتخابات إلى معركة وطنية

بقلم أشرف العجرمي ٣١-٣-٢٠٢١م

تتسارع الأيام ويقترب موعد الانتخابات بعد تقديم القوائم المتنافسة للجنة الانتخابات للموافقة عليها، وبعد البتّ في الطعون والقضايا التي يمكن أن تمنع بعض القوائم من الترشح، ونحن نعيش الاحتفالات بذكرى يوم الأرض الخالدة وأرضنا يجري قضمها تدريجياً وبصورة حثيثة تسابق الزمن، تحت وطأة مشروع إسرائيلي استيطاني عنصري يهدف إلى القضاء على فكرة الاستقلال الفلسطيني وقيام كيان وطني يعبر عن هوية شعبنا ويجسد حقه التاريخي في أرض وطنه. فهل تكون الانتخابات علامة فارقة في النضال من أجل حماية الأرض الفلسطينية أم أنها مجرد مرحلة للتجمل وتقسيم كعكة السلطة؟
في البداية، لا بد من التأكيد على أن التفكير السائد اليوم في العقلية اليمينية الإسرائيلية المتطرفة يقوم على منع الفلسطينيين من الحصول على دولة بأي ثمن، حتى لو لم تستطع إسرائيل تحديد طبيعة كيانها وحدودها وطبيعة سيطرتها على الأرض، ما يمكن أن يخلق لها مشكلات دستورية ومشكلات على مستوى النظرة الدولية لها. وهذا ينبع بالأساس من محاولة تكريس الكذبة الكبرى التي خلقها الاستعمار الأوروبي والمتمثلة بحق اليهود في بلادنا، والتي جرى تطويرها في الفكر الصهيوني – الديني المتطرف بأن هذه البلاد هي ملكية حصرية لليهود ولا يوجد حق لأي شعب آخر في تقرير المصير فيها سوى اليهود. الأمر الذي وجد ترجمته بكل وقاحة ووضوح في قانون القومية الذي جرى سنه في «الكنيست» الإسرائيلي في العام 2018.
والمشروع الاستيطاني يهدف، عدا قضم الأرض ومصادرتها واستملاكها وتهويدها والاستيطان عليها، إلى منع ممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه الوطنية والشرعية بالحصول على وطن متكامل يثبت من خلاله وجوده القانوني والسياسي وملكيته للأرض، باعتباره صاحب الحق الأساس فيها. فالادعاء بملكية اليهود للأرض يبقى فارغاً من دون السيطرة عليها وخلق واقع يعترف العالم به ويتعاطى معه كحقيقة قائمة، كما حصل أساساً مع المشروع الصهيوني وقيام دولة إسرائيل. والشيء الوحيد الذي يمكنه أن يمنع الاحتلال من تجسيد هذه الرؤية والبرنامج العنصري هو مقاومة الشعب الفلسطيني لهذا المشروع.
حتى الآن، يمكن رؤية مقاومة فلسطينية رمزية فقط، تمثلها لجان ومجموعات مقاومة الاستيطان التي هي من دون أدنى شك تقوم بعمل بطولي ورائع يستحق كل التقدير. وما نحتاجه بالفعل هو مقاومة شعبية واسعة، أي انتفاضة بكل معنى الكلمة لمنع مصادرة أي شبر من الأرض الفلسطينية ولجعل الاحتلال أمراً مكلفاً. من دون ذلك لا يمكن الحديث عن مقاومة فعالة ولها نتائج يمكنها أن توقف المشروع الاستيطاني. بمعنى أن تتوقف إسرائيل تماماً عن مصادرة الأرض والبناء عليها، بل أن تفكر بتفكيك قسم كبير من المستوطنات وتتخلى عن مشاريع بناء في الكثير من المناطق.
قد نجد في كل برامج الأحزاب والقوائم الانتخابية ما يشير إلى مقاومة الاستيطان والحفاظ على الأرض، ولكننا على أرض الواقع لا نرى شيئاً له علاقة بالشعارات الكبيرة التي يتحدث عنها الجميع قبل الإعلان عن الانتخابات وخلال الحملات الانتخابية، وربما وهذا هو المرجح بعد الانتخابات. لأننا اعتدنا على خطاب الشعارات الرنانة والجمل الثورية الكبيرة التي لا تتناسب بأي حال مع الممارسة على الأرض بمعنى أنها غالباً ما تكون من دون رصيد.
قد تكون الانتخابات فرصة لإعادة دراسة موضوع الاستيطان والحفاظ على الأرض، ليس فقط لتطوير خطة وطنية موحدة للنضال ضد الاستيطان بعد الانتخابات إذا جرت فعلاً وأفضت إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية ببرنامج سياسي وطني يتناسب مع المرحلة التي نعيش، ومع التحديات الحاضرة والمستقبلية، بل إنها فرصة أيضاً وحتى يوم الانتخابات لتكون مكافحة الاستيطان موضوعاً للتنافس الحزبي من خلال فعل شعبي جدي وملموس على الأرض في مواجهة عمليات مصادرة الأرض والبناء الاستيطاني. وهي يمكن أن تشكل اختبار جدارة لكل القوى السياسية، ليس للتنافس حول من يطرح شعارات أكثر ثورية ونارية من غيره، بل لمن يقوم أكثر من غيره بإنجازات نضالية يمكن أن تسجل في رصيده الانتخابي.
لدينا شهران تقريباً حتى موعد الانتخابات، وهي فترة قصيرة نسبياً، لكنها كافية لفعل شيء يؤكد صدقية الشعارات والبرامج في الميدان، ولكي يأخذنا العدو والصديق على محمل الجد في مرحلة ما بعد الانتخابات.         
فلتذهب القوى والقوائم المتنافسة للميدان لمقاومة الاستيطان والتصدي للمستوطنين، لفعل وطني بامتياز، وأيضاً للفوز بثقة الناس في أهم اختبار جدارة عملي لا يستطيع أحد أن يشكك به. ولتكن العملية الانتخابية عملية كفاحية بامتياز تبدأ من مسألة الأرض ومواجهة الاستيطان والمستوطنين، ثم تنتقل لباقي القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكل ما يتعلق بحقوق المواطنين.  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى