أشرف العجرمي : وقف الحرب: السنوار.. قيادة «حماس».. القيادة الفلسطينية

أشرف العجرمي : 30-12-2023
على أرضية تعثر إسرائيل في حربها الدموية البربرية على قطاع غزة بعث رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في غزة يحيى السنوار رسالة إلى قيادة الحركة في قطر أوضح فيها أن «حماس» في غزة صامدة وتستطيع المقاومة لشهور طويلة وأن الجيش الإسرائيلي يتعرض لدمار وخسائر كبيرة. وتأتي الرسالة في ظل النقاشات الواسعة التي تدور حول وقف إطلاق النار وصفقات تبادل الأسرى. وكأن السنوار يقول لقيادة حركته في الخارج: لا تخطئوا ولا تستعجلوا نحن ندير الأمور بشكل جيد ونحن أدرى بالواقع، ونحن أصحاب القرار في نهاية المطاف.
وقد لا تعكس الرسالة خلافات جوهرية في أوساط قيادة «حماس» ولكنها دون شك تريد وضع النقاط على الحروف بشأن من هو صاحب القول الفصل، وأن القرارات المتعلقة بالحرب في غزة يجب أن تكون بيد السنوار بشكل قاطع.
ما يريده السنوار هو وقف الحرب وليس وقفاً مؤقتاً لإطلاق النار لتحرير الأسرى والمحتجزين حتى لو كانت الصفقة الكل مقابل الكل، فهو يعلم أن إسرائيل ستمضي قدماً في حربها ضد «حماس» وغزة حتى النهاية إذا حصلت على المحتجزين في غزة لأنهم يشكلون نقطة الضعف الوحيدة التي يمكن من خلالها وقف الحرب طبعاً إذا بقي وضع القتال كما هو عليه الآن.
والسنوار لا يقبل أن يغادر قطاع غزة في أي صفقة لأنه يعلم أن المغادرة تعني انتهاء دوره وربما نهايته.
بينما ما تريده إسرائيل هو وقف مؤقت وصفقة أو صفقات متتالية تتيح لها استئناف الحرب بعد ذلك.
ولهذا تعتبر الورقة المصرية المقدمة لوقف إطلاق النار لتبادل، أرضية مناسبة للحوار من وجهة نظر حركة «حماس» لأنها تتحدث عن صفقة تبادل وعن وقف إطلاق نار وعن حوار وطني وحكومة تكنوقراط وانتخابات رئاسية وبرلمانية بعد فترة من الوقت. فالحركة قبلت المبادرة من حيث المبدأ ولكن لديها تساؤلات حول التفاصيل. فهي معنية بوقف نهائي للحرب وليس وقفاً مؤقتاً بزمن. ومعنية بضمانات فيما يتعلق بسلامة قياداتها. وكذلك هي تريد دوراً محورياً في إدارة الوضع الفلسطيني حتى لو تشكلت حكومة تكنوقراط بتوافق كل القوى عليها، وهي مسألة لا تعارضها «حماس» لأنها تدرك أن إعادة بناء قطاع غزة تتطلب جهوداً دولية هائلة وإدارة توافق عليها الدول الكبرى وخاصة المساهمين في تمويل إعادة الإعمار والترميم.
القيادة الفلسطينية وبعد اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير يوم أول من أمس، عبرت عن امتعاضها ورفضها للورقة المصرية لأنها سمعت عنها من وسائل الإعلام ولأنها تتحدث عن «تشكيل حكومة فلسطينية لإدارة الضفة وغزة بعيداً عن إطار مسؤولية منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد» حسب بيان اللجنة التنفيذية.
ويبدو أن تجاهل الورقة لدور القيادة قد أغضبها حتى لو أنها قد لا تعارض مضمون هذه المبادرة.
وليس مفهوماً لماذا لم تبلغ القيادة بتفاصيل الورقة قبل نشرها ولم يؤخذ رأيها فيها قبل نشرها أسوة بحركتي «حماس» و»الجهاد الإسلامي» اللتين نفتا، على لسان عزت الرشق ومحمد الهندي، أنهما يرفضان الورقة كما نقل عن وكالة «رويترز».
في الواقع، تبدو القيادة الفلسطينية في وضع صعب للغاية نتيجة هذه الحرب المدمرة التي تواصلها إسرائيل ضد قطاع غزة، حيث تترتب على السلطة الفلسطينية أعباء هائلة نتيجة لعمليات الإبادة والتدمير التي تقوم بها قوات الاحتلال. وهي لا تحظى بشعبية كبيرة ويبدو أنها في حالة إرباك ولا تقوم بالدور الذي يمكن أن يقنع الجماهير الفلسطينية لا بمبادرات من شأنها أن تساهم في وقف هذه الحرب وفي الاستعداد لليوم التالي لها. ومن جانب آخر، لا تريد الإدارة الأميركية للسلطة بصيغتها الحالية أن تضطلع بدورها المطلوب في إدارة الضفة وقطاع غزة في اليوم التالي للحرب.
وتتطلب منها القيام بإصلاحات جذرية في سقف زمني لا يتجاوز الربع الأول من العام القادم. وبالتالي فهي تشعر بأنها تستثنى بطريقة لا تعكس احترام دورها القيادي كجهة مسؤولة عن المواطنين في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة.
من الجهة الأخرى، يمكن التكهن بأن الولايات المتحدة على علم بالورقة المصرية، هي مقبولة منها.
وفي هذا السياق يقول دينيس روس مستشار البيض الأبيض سابقاً إنه في حال التمكن من تجريد «حماس» من «سلطتها القوية» ونزع السلاح في قطاع غزة «فإن ذلك يفتح الطريق أمام تشكيل إدارة مؤقتة بحكومة تكنوقراط يقودها فلسطينيون، يعملون تحت نوع من المظلة الدولية أو الإقليمية أو كليهما».
وإسرائيل من جانبها تدرس المبادرة المصرية ولكنها تركز على الإفراج عن جميع المحتجزين الإسرائيليين وإبعاد قادة «حماس» من غزة ونزع سلاح قطاع غزة. ولكن الموقف الإسرائيلي سيتحرك بناء على نتائج الحرب خاصة بعد انتهاء الفترة الممنوحة لإسرائيل للاستمرار بحربها الإجرامية بنفس الوتيرة الحالية والتي من المفترض أن تنتهي قبل نهاية شهر كانون الثاني القادم لتنتقل بعدها للمرحلة الثالثة الأخف قوة.
وفي كل الأحوال إذا توقفت الحرب دون القضاء على قيادة «حماس» كما تقول إسرائيل فهذا سيسجل انتصاراً لحركة «حماس» وهزيمة لإسرائيل وقبولاً بنتائج متواضعة.
وهذا ممكن فقط إذا بقيت الحرب الإسرائيلية متعثرة واستمر النزيف الإسرائيلي والفلسطيني دون حسم حقيقي.