ترجمات أجنبية

أسلحة أمريكية للعرب، وماذا عن التفوق النوعي؟

ترجمة: مركز الناطور للدراسات والأبحاث

إعداد: دوري جولد معهد القدس للشؤون العامة والدولة

في الأسبوع الماضي علمنا بسلسلة واسعة النطاق لبيع الأسلحة إلى الدول العربية أعدت من قبل إدارة أوباما، وجرى الحديث عن صفقة بحجم 29.4 مليار دولار لصالح المملكة العربية السعودية والتي ضمت بيع 84 طائرة مقاتلة من نوع F15S وتحسين 70 طائرة مستخدمة في سلاح الجو السعودي، الصفقة اشتملت على الجيل الأخير من صواريخ جو-جو وصواريخ أرض-أرض موجهة تعمل في كل الظروف الجوية في الليل والنهار، تفاصيل هذه الصفقة ظهرت خلال السنة الماضية كصفقة تبلغ قيمتها 60.5 مليار دولار وحيث أن تفاصيلها نشرت في شهر أكتوبر 2010. في الأسبوع الماضي نفذت صفقة أصغر بكثير قيمتها 3.8 مليار دولار تتضمن بيع معدات أمريكية لدولة الإمارات، هذه الصفقة شملت بشكل أساسي منظومة مضادة للصواريخ THAAD وهدفها هو على غرار هدف المنظومة الإسرائيلية حيتس وهو اعتراض الصواريخ الباليستية التي تنطلق من دول معادية مثل إيران. بالإضافة إلى ذلك يبدو أن الإدارة تتقدم لعقد صفقة بـ11 مليار دولار تتضمن أسلحة وتدريبات للجيش العراقي الجديد، وتشتمل على طائرات مقاتلة ودبابات متطورة، هذا التطور يثير القلق بصفة خاصة وعلى الأخص على ضوء التوجه الموالي لإيران لرئيس الحكومة العراقية نوري المالكي. منذ عشرات السنين ظلت إسرائيل والولايات المتحدة تجريان المداولات حول مبيعات أسلحة من هذا النوع، وأحيانا من خلال صراعات مريرة مثل الصراع الذي حدث في عهد إدارة ريغان عندما أراد أن يبيع للسعوديين طائرات السيطرة والمراقبة أواكس في عام 1981، مرات أخرى توصلت كل من الولايات المتحدة وإسرائيل إلى تفاهمات بينهما، في عام 1978 عندما بيعت طائرة F15 الأولى إلى العربية السعودية من قبل إدارة كارتر، إسرائيل حصلت على ضمانة بأنها لن تزود بخزانات وقود إضافية أو بتجهيزها بعتاد آخر أو بصواريخ جو-جو متقدمة للغاية، بالإضافة إلى ذلك اتفق على نشر طائرات F15 في السعودية في قواعد جوية بعيدة مثل الظهران وخميس والمشيط والطائف، وليس في تبوك حيث تقع على مسافة حوالي 150 كلم من الحدود مع إسرائيل. بعد الصراع على بيع طائرات السيطرة والمراقبة أواكس إلى السعودية إدارة ريغان بدأت تتحدث وبشكل صريح عن التزام الولايات المتحدة بالحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل، الأمر الذي تم ضمانه منذ ذلك الوقت من قبل جميع الإدارات المتعاقبة، في بيان حول صفقة الأسلحة الأخيرة مع السعودية وعد أندرو شابيرو نائب وزيرة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية والعسكرية في بيان صادر عن وزارة الخارجية أن عملية البيع لن تمس أو تضر بالتفوق العسكري النوعي الإسرائيلي. وإذا كان الأمر كذلك ماذا يجب أن يكون الموقف الإسرائيلي من مبيعات الأسلحة هذه الواسعة النطاق؟ واضح أن السياق الإستراتيجي الإسرائيلي في الشرق الأوسط تغير تماما. في المواجهة ضد إيران والتي تشكل حتى هذا اليوم التهديد الرئيسي في الشرق الأوسط إسرائيل والمملكة السعودية تصطفان عمليا إلى جانب واحد على الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية بينهما، ومع ذلك هناك عدة اعتبارات سيتعين على إسرائيل أن تضعها في الاعتبار وأن تثيرها في محادثاتها مع الولايات المتحدة، على سبيل المثال هناك مخاطر من انتقال التكنولوجيا الغربية المتقدمة إلى دول عربية معينة، ثم تصل في نهاية المطاف إلى أيدي إيرانية. في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي تحدث الناطقون الإسرائيليون عن عدم استقرار الأنظمة العربية، في ذلك الوقت كان هذا الادعاء ضعيفا على الرغم من أنه حظي بالتغطية من قبل شبكات التلفزة الأمريكية، لكن في الوقت الحاضر وبعد الانتفاضات المستمرة في العالم العربي تحول هذا الادعاء إلى واقع. إن أحد لا يستطيع القول وبشكل مؤكد أن الأنظمة في العالم العربي التي تحيط بإسرائيل ستبقى في موقعها خلال العامين أو الثلاثة أعوام القادمة حيث أن حركات التمرد مستمرة وتنتشر في كل أرجاء العالم العربي. أكثر من ذلك دول عربية معينة قد تتوصل إلى الاستنتاج بأن الولايات المتحدة وحليفاتها الغربية قد تسلم بوجود قنبلة نووية إيرانية والاكتفاء بسياسة الاحتواء فقط، مثل هذا الأمر سيقود إلى تغيير في الاتجاه والانضمام إلى الكتلة الإيرانية، مثل هذا السيناريو هو ما حدث بالضبط لقطر عام 2007 عندما أصدرت إدارة بوش التقرير الاستخباراتي القومي NIE والذي ادعى أن إيران أوقفت برنامجها لتطوير السلاح النووي. يمكن أن نتوقع أن تحولا سياسيا من هذا النوع سيقود إلى مناورات عسكرية مشتركة وإلى فرص تتيح للإيرانيين اختبار السلاح النووي الموجود والمستخدم من قبل حليفاتها الدول العربية. أفراد حرس الثورة كانوا مغتبطين وهم يفككون صاروخ جو-جو أمريكي من أجل التخطيط لوسيلة مضادة من قبل سلاح الجو الإيراني. ولأسباب مماثلة ألغت إسرائيل في الفترة الأخيرة صفقة بـ141 مليون دولار تشمل منظومات استخبارات جوية إلى تركيا. قضية أخرى تثور بين الحين والآخر في المداولات حول الحفاظ على التفوق النوعي لإسرائيل هي هل ينبغي على إسرائيل أن توافق على العلاقة بين بيع منظومات أسلحة أمريكية متقدمة إلى إسرائيل وبين التقدم في عملية السلام؟ في السبعينات الولايات المتحدة درجت على تعويض إسرائيل عن المخاطر التي أخذتها على نفسها في العملية السياسية، هذا عندما وافقت إسرائيل على الانسحاب من ممرات الجدي والمثلا في شبه جزيرة سيناء ثم الانسحاب بعد ذلك من سيناء بشكل كامل في نطاق اتفاقيات كامب ديفيد عندها عوضت إسرائيل بتقديم طائرات F15وF16 بدلا من الفانتوم وسكاي هوك، ثم توصل إسرائيل في الآونة الأخيرة إلى اتفاق لتزويدها بطائرات الشبح F35، لكن في حينه أثيرت فكرة مضاعفة الكمية مقابل موافقة إسرائيلية على تجميد بناء آخر للمستوطنات، ونظرا لأن دلالة الربط بين التفوق النوعي الإسرائيلي وبين عملية السلام تمنح أبو مازن حق الاعتراض على تطوير سلاح الجو الإسرائيلي فإنه يتعين علينا أن نشجب ونرفض هذه الفكرة. في كل الأحوال أبو مازن لا يريد استئناف المفاوضات السياسية ومثل هذه الحزمة لم تعد مطروحة. يمكن أن نقدر أن الخلافات حول بيع الأسلحة للدول العربية يتوقع أن تتعاظم خلال السنوات القادمة، فإذا ما قامت أنظمة عربية تضم في صفوفها الإخوان المسلمين فإنه قد تظهر في واشنطن أصوات تدعي أن على الولايات المتحدة الحفاظ على هذه الأنظمة إلى جانب الغرب وتزويدها بالسلاح. دولة إسرائيل مطالبة بأن تفتح عيونها على هذا الواقع المعقد والمتشابك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى