أرييلا رينغل هوفمان تكتب / الصراع ضد طوافة الغاز
يديعوت احرونوت – بقلم أرييلا رينغل هوفمان – 26/7/2018
بعد سبع ساعات من المداولات المضنية، التي كرر فيها كل طرف حججه التي سبق أن ذكرها مرات لا حصر لها، قررت أمس محكمة الصلح في حيفا السماح لمنظمة “حراس البيت” البقاء حتى يوم الاحد القادم في خيمة الاحتجاج التي اقامتها على شاطيء دور، في اطار الصراع الذي تخوضه منذ اشهر طويلة ضد اقامة الطوافة لمعالجة الغاز على مسافة نحو 10 كيلو متر في عمق البحر.
بعد ذلك، تقرر، اخلاء الخيمة، وشركة حقل الغاز لافيتان ستتمكن من مواصلة اعمال التطوير في المكان. باستثناء أن القرار لم يستبعد من ناحيتهم الصراع القانوني الذي تخوضه المنظمة في المحكمة المركزية في حيفا، مطالبة بالغاء تصاريح البناء التي صدرت لانبوب التكثيف في البر – الانبوب الذي هو جزء من اعمال البنية التحتية التي تقوم بها شركات الطاقة في المكان.
وفي اطار هذه الصراع المستمر منذ سنين، والذي اجتاز كل الهيئات القضائية، بما في ذلك خمسة التماسات الى محكمة العدل العليا رفعتها منظمة “حراس البيت”، وردت كلها بلا استثناء، امتد، دون أن يكون في صالح المعارضين للمشروع، اصطلاح “ليس في ساحتي الخلفية”. فقد ولد الاصطلاح في الثمانينيات واستخدمته اساسا منظمات اجتماعية في الصراعات التي خاضتها ضد الطبقات الاغنى والاكثر وصولا للسلطة في الولايات المتحدة، والتي عارض ما كان يعتبر في نظرها كمس بجودة حياتها.
فاولئك الذين وافقوا على أنه توجد بالفعل حاجة لاقامة نزل للمصابين النفسيين، مدارس داخلية للفتيان في خطر، حضانات نهارية للشافين من المخدرات، ملاجيء للنساء المعنفات، وكبديل، اقامة مطار، شق طريق او بناء مستشفى – بشريطة الا يكون هذا في حيهم. وفي تعابيرنا اليوم: وافقوا على استيعاب لاجئين سودانيين – ولكن في جنوب تل أبيب، وبناء نزل للشافين من المخدرات – في زخرون يعقوب فقط.
لقد نجحت مجموعات الضغط في ان تجند جيشا من الضاغطين، المحامين، رجال العلاقات العامة والناطقين كي تبعد شر القضاء، ودحر مصادر الاقلاق بعيدا عن مكان سكنها، والافضل لسلة المهملات البيئية لدولة اسرائيل – الى النقب. واذا لم يكن ممكنا، فلعسقلان او اسدود، الامر الذي حصل للصراع ضد اقامة طوافة حقل “تمار”، والذي منذ 2010 كانت مخصصة لشاطيء دور ونقلت الى عسقلان. وبالمناسبة، فان انبوب التكثيف للطوافة انتقل الى اسدود. وأدى الصراع اياه الى تأجيل لنحو سنة ونصف السنة في توريد الغاز الى محطات توليد الطاقة، مما كان يعني سنة ونصف اخريين من التلويث الفحمي، الذي حسب معطيات غرينفس – غير المعروفة كهيئة مؤسساتية – يتسبب كل سنة بموت نحو 300 شخص كنتيجة لتلوث الهواء.
ان اقامة طوافة كهذه، كما تتفق المنظمات الخضراء، ليست طموح من تعز على قلبه جودة البيئة. غير أن في هذه المنظمات – شركة حماية الطبيعة وجمعية انسان طبيعة وقانون – رفضت المشاركة في صراع “حراس البيت”، الذين لم ينجحوا في ان يجندوا النواب الخضر، وعلى رأسهم النائب دوف حنين. “نحن لا ندعي بان هذا هو الحل الافضل”، قال ليس نشيط في واحدة من المنظمات الخضراء – كلهم، بالمناسبة، نشروا اوراق موقف مصوغة جيدا في موقعهم على الانترنت – “الا ان هذا هو الحل الاكثر معقولية، ولما كان هذا موضوع حرج من ناحية جماهيرية، فلا يمكننا الا نقول رأينا”. ما أذهل المنظمات البيئية كان شدة النقد الذي وجهه لهم “حراس البيت”. هذه ليست المرة الاولى التي تكون فيها خلافات في الرأي بيننا وبين السكان المحليين، قال بعض النشطاء لغير الاقتباس، ولكن هذه هي المرة الاولى التي نواجه فيها ردود فعل وتصريحات على هذا القدر من العنف، الفظاظة وعدم الاسناد.
اذن صحيح، فان شركات الطاقة ليست بديلا نزيها لمنظمات مثل “حراس البيت” والمصالح التي تحرك اصحاب المال المستثمرين في الغاز والنفط لا تتطابق دوما ومصالح الجمهور الغفير. صحيح أيضا بان المشاركة الاجتماعية ليست شيئا مزعجا ومثل هذه الصراعات ضمنت اكثر من مرة المصلحة العامة. والسؤال هو أين تمر الحدود بين المصلحة الضيقة والمحلية، حتى اذا كانت محقة بحد ذاتها، وبين قلق يأخذ بالحسبان الحاجة الوطنية. ان اقامة الطوافة امام شاطيء دور ليست الحل الافضل، ولكن هذا هو الحل المثالي في الظروف القائمة. لاسفي، يبدو هذا مثل “ليس في ساحتي الخلفية”، قالت لي مسؤولة كبيرة في منظمات الخضر.
في السطر الاخير، الهدف لا يجب أن يكون ابعاد الطوافة الى مكان يتواجد فيه سكان ضعفاء لا يمكنهم ان يخوضوا صراعا ناجعا، بل التأكد والحرص على أن تكون الاجراءات القانونية الادارية تتخذ افضل الوسائل كي تقلل الى الحد الادنى المخاطر بحق جودة حياة السكان. القانون يسمح بذلك، وهذا قابل للتنفيذ.