ترجمات عبرية

آفي يسخاروف – إسرائيل مستعدة لتحمل روتين التصعيد

موقع واللا العبري  – بقلم  آفي يسخاروف – 15/7/2018

ثمة جملة مشهورة ومعروفة بالعربية تقول “تيتي تيتي، مثل ما رحتي مثل ما جيتي”، أي: جئت كما ذهبت. ربما ما زال من المبكر في هذه المرحلة إجمال ما حدث هنا خلال الـ 48 الساعة الأخيرة، لكن الشعور المبكر هو أن الجولة العنيفة الأخيرة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل كانت لا لزوم لها وبدون نتائج، مثلما بدأت انتهت.

خلال ساعات الليل، تم إطلاق عدة قذائف نحو مستوطنات غلاف غزة، ما بدى كبقايا تبادل ضربات الأمس. هذه الجولة بدأت بشكل أو بآخر بهجمات إسرائيلية في الليلة بين الجمعة والسبت، وسببها المباشر كان ردًا على إلقاء عبوة يدوية نحو قوة للجيش، ممّا أدى لإصابة ضابط بجروح متوسطة. فعليًا كان هذا استغلال للفرصة من جانب إسرائيل، ضرب الأنفاق الهجومية التي ما زالت قائمة، ومن ناحية أخرى محاولة تغيير الوضع الراهن الذي خلق أمام حماس، في كل ما يتعلق بإطلاق الطائرات الورقية والبالونات الحارقة.

في الجيش الإسرائيلي، وفي إسرائيل بشكل عام، كان هناك من يتمنى بأن تسبب بعض الضربات على منشآت فارغة للفصائل بإخافتها وإيقاف ظاهرة الطائرات الورقية، وربما تؤدي لتهدئة الوضع داخل إسرائيل، سواء في صفوف السكان الذين يشعرون بالإهمال، وفي صفوف السياسيين من اليمين الذين طلبوا عملًا هجوميًا أكثر ضد الظاهرة. فعليًا هذا لم يحدث، وهناك شك فيما إن كان سيتم وقف ظاهرة الطائرات الورقية، وعلاوة على ذلك، فإن الانتقادات من اليمين في إسرائيل وسكان غلاف غزة اشتدت مطالبة بالعمل الصارم بشكل أكبر.

كسر القواعد بشكل جزئي فقط

يجب القول بأنهم في حماس والفصائل الفلسطينية لم يتحمسوا للوصول لتصعيد بالصيغة التي رأيناها أمس، لكن حين تم اتخاذ القرار في التنظيم، بدأ إطلاق عشرات الصواريخ نحو مستوطنات إسرائيلية محاذية لغزة، بمعنى كسر القواعد، لكن فقط بشكل جزئي. حتى مع مرور ساعات فقط على بدء التصعيد، بدأت تسريبات من قِبل حماس وغيرها من الفصائل بشأن محاولات مصرية لتهدئة النفوس ووقف إطلاق النار. فعليًا يبدو أن كلا الطرفان، منذ اللحظة التي بدأت فيها الجولة، تمنوا وأملوا أن يُسمع “الجونج” المصري الذي سيؤدي لوقف القتال، وكلهم (إسرائيل، حماس ومصر) يعرفون أن الجولة القادمة موجودة بالفعل في الأفق.

غير متوقع أن يتغير الواقع في غزة من نهاية لأخرى في أعقاب الجولة الأخيرة. السياسيون الإسرائيليون الذين سارعوا للادعاء بأن إسرائيل لن تقبل بـ “إرهاب الطائرات الورقية” يمتنعون من قول الحقيقة للجمهور الإسرائيلي؛ أولًا: الطائرات الورقية ليست هي القضية الأكثر إلحاحًا بالنسبة لإسرائيل وبمثابة التهديدات الأمنية ضدها، وهي تأتي بالمرتبة الثالثة أو الرابعة بالنسبة للأولوية من ناحية الأجندة الامنية الإسرائيلية.

تعتبر غزة اليوم تهديدًا أقل خطورة على إسرائيل والتركيز على الشمال، في سوريا واليوم الذي يلي الأسد والتهديد الإيراني. الانجرار لحرب معقدة في غزة بسبب طائرات ورقية يعتبر أمرًا لا لزوم له على أقل تقدير بالنسبة للجيش وإسرائيل في الوقت الذي تدور فيه حملة أكثر مصيرية في سوريا.

وها نحن الآن نصل للنقطة الثانية الحاسمة من ناحية سياسات حكومة نتيناهو التي تمتنع عن قول ذلك للجمهور، إسرائيل ترغب في بقاء حماس واستمرارها في غزة؛ ليس بسبب حب زائد للتنظيم، بل لأن البدائل لحكم حماس في غزة هي احتلال مليونيْ شخص أو الفوضى. هذا هو أساس السياسات الحذرة للجيش وللحكومة في قضية غزة، أي ان جولة عنف هنا وهناك، طائرات ورقية حارقة، تظاهرات على السياج، كلها في الواقع محتملة، لكن ليست حربًا شاملة قد تضطر إسرائيل لاتخاذ قرارات صعبة ومؤلمة جدًا أكثر من تلك التي تتعامل معها إسرائيل اليوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى