ترجمات عبرية

هآرتس: من اجل وقف حماس يجب الدخول الى رفح

هآرتس 1/5/2024، بقلم: داني اورباخ: من اجل وقف حماس يجب الدخول الى رفح

في هذه الايام، في الوقت الذي فيه كابنت الحرب متردد بين صفقة تبادل جديدة ودخول عسكري كثيف الى رفح، فان منتقدين كثيرين يقولون إن اقتحام رفح هو خطوة ليس لها أي جدوى أو فائدة وستكلف الكثير من الضحايا وستتسبب بعزلة دولية وقطيعة مع الولايات المتحدة، ولن تفيد بأي شيء، خاصة عندما لا تضع الحكومة خطة لليوم التالي في غزة. ورغم أنني اشارك في انتقاد الحكومة فيما يتعلق بفشلها في التخطيط السياسي، إلا أنه يصعب علي اكثر الموافقة على الادعاءات حول عدم الجدوى العسكرية في دخول رفح. هذا بالطبع على فرض أننا ما زلنا معنيين بمنع اعادة اقامة دولة حماس في قطاع غزة.

الحجة الاولى التي يتم طرحها ضد دخول رفح هي أنها لا تساوي ثمنها، على فرض أننا دمرنا 18 كتيبة لحماس فما الذي سيتغير اذا قمنا بتدمير 4 كتائب اخرى؟ لأنه في ظل غياب خطة سياسية لـ “اليوم التالي” ستسارع هذه المنظمة الارهابية الى تنظيم نفسها من جديد في المناطق التي سينسحب منها الجيش الاسرائيلي. ولكن المنتقدين الذين يطرحون هذه الحجة يخطئون في عدم معرفة التجربة التاريخية. في الماضي منظمات الارهاب التي نجحت في أن تعيد تنظيم نفسها بعد هجوم ساحق فعلت ذلك تقريبا دائما عندما كانت لها “منطقة حرة” من اجل التمركز فيها. على الاغلب الحديث يدور عن منطقة توجد بجانب خط حدودي صديق، من هناك يمكن تلقي التموين والسلاح وربما ايضا الجنود، وبالاساس حصانة من الهجوم.

في حرب فيتنام مثلا كان يمكن للفيتكونغ النهوض بعد الهجمات الامريكية بسبب مناطق اللجوء الآمنة “نسبيا” لهم التي توجد وراء الحدود في شمال فيتنام، وبفضل توفير السلاح والمعدات بشكل دائم من الصين والاتحاد السوفييتي سابقا. في افغانستان نجحت طالبان في انهاك الامريكيين رغم قوتهم الزائدة لأنه كانت لهم ملاجيء آمنة في باكستان. وداعش عاد ونهض في العراق بفضل مناطق الحرام التي اوجدتها الحرب الاهلية في سوريا. ولكن حماس لا توجد لها مناطق آمنة خلف الحدود، لكن يوجد لها مسار تهريب من مصر عبر محور فيلادلفيا. واذا منحنا حماس مدينة لجوء في رفح فان ذلك سيسهل عليها السيطرة مرة اخرى على القطاع بمساعدة الكتائب المنظمة التي بقيت لها. ولكن اذا قطعنا انبوب تزويدها في معبر رفح وفي محور فيلادلفيا فهي ستجد صعوبة في جبي الضرائب على البضائع والسيطرة على المساعدات وتهريب السلاح، وبالتالي التمدد بكونها جهاز حاكم منظم الى مناطق اخرى في القطاع.

الحجة الثانية التي يتم طرحها بشكل عام في هذا السياق هي أن الضغط العسكري على حماس لن يجعلها تقوم باطلاق سراح المخطوفين، بل العكس، هي ستتشدد في طلباتها. ربما هنا ايضا الدلائل تظهر شيء آخر. الصفقة السابقة مع حماس في 25 تشرين الثاني حتى 1 كانون الاول 2023 كانت في ذروة الضغط العسكري من قبل اسرائيل. في تلك الفترة كانت حماس مستعدة للتنازل عن طلبها الاساسي وهو وقف الحرب تماما، ووافقت على اطلاق سراح حوالي نصف المخطوفين مقابل هدنة مؤقتة لم تضر باهداف الحرب لاسرائيل. منذ كانون الثاني تضاءل الضغط العسكري بالتدريج الى أن توقف بالفعل. والآن، في الاسبوع الاخير، منذ اللحظة التي تحول فيها تهديد اسرائيل باقتحام رفح الى تهديد فوري وموثوق فان خطوات حماس بدأت تشير الى ضغط آخذ في التزايد.

على سبيل المثال، حماس قامت بنشر افلام لمخطوفين، وايضا قامت بارسال نائب يحيى السنوار، خليل الحية، من اجل اجراء مقابلة مع وسائل الاعلام الغربية والتظاهر بأن حماس مستعدة للاعتراف بحل الدولتين ونزع سلاحها بعد اقامة الدولة الفلسطينية. ايضا الوسطاء المصريون بدأوا في زيادة الضغط على حماس من اجل التوصل الى الصفقة. اذا كان هذا هو الوضع قبل دخول رفح فما الذي سيحدث بعد دخولنا والبدء في تدمير انفاق التهريب المهمة لحماس وقطع انبوب الاوكسجين عنها من الحدود؟.

اذا كانت حماس تعمل الآن بشكل مختلف فان هذا يعتبر اشارة على أن تهديد موثوق بضغط عسكري بالذات يؤثر عليها. والدخول الى المدينة في جنوب القطاع سيعرض للخطر وبحق المخطوفين، لكن للمفارقة، هو الامل الوحيد لتحرير على الاقل عدد منهم دون الحاجة الى دفع الثمن باستئناف حكم حماس في كل القطاع.

وحسب الحجة الثالثة نحن سندفع ثمن دولي باهظ، وستتم ادانتنا من قبل المجتمع الدولي اذا تجرأنا على دخول رفح. ولكن الضرر الاساسي لنا كان بسبب مجرد الحرب في غزة، وليس بسبب دخول منطقة معينة. وبصفتي مؤرخ عسكري يمكنني القول بأن الحروب الكثيفة تؤدي دائما تقريبا الى الدمار والقتل الجماعي للسكان المحليين. هكذا الامر ايضا في غزة رغم وسائل الحذر غير المسبوقة التي يتخذها الجيش الاسرائيلي. وتكفي الاشارة الى أنه بعد الغزو النورمندي تسببت جيوش الحلفاء بآلاف الخسائر في اوساط مواطني فرنسا، حلفاءهم، لا توجد حاجة لقول اعداءهم الالمان، وهكذا كان الامر ايضا في الحروب في كوريا وفي فيتنام وفي افغانستان وفي العراق. ايضا لو دققنا اكثر في قوانين الحرب والطابع الحضري للمعركة في غزة واستخدام حماس لمنشآت مدنية والحاجة الى القتال ضد الانفاق، فان كل ذلك بالضرورة سينعكس بعدد لا نهائي من الصور الفظيعة في الشبكات الاجتماعية.

لا يمكن المحاربة في غزة بدون دفع ثمن دولي، سواء قمنا باقتحام رفح أم لا. ولكن اذا امتنعنا عن فعل ذلك وسمحنا لحماس بأن تنهض فسيتبين أننا دفعنا هذا الثمن عبثا. سنأكل السمك المتعفن المتمثل بالعزل وايضا سيتم طردنا من المدينة ومن كل القطاع.

بسبب كل ذلك فان اسرائيل يجب أن تدخل الى رفح في اسرع وقت ممكن، وأن تقطع انبوب تزويد حماس من مصر، وتدمر انفاق التهريب الاستراتيجية التي توجد تحت محور فيلادلفينا وتقوم بتحرير المخطوفين اذا استطاعت. في نفس الوقت يجب مواصلة الاتصالات من اجل عقد صفقة، لكن من موقف قوة، الذي فقط الضغط العسكري الحقيقي يمكن أن يعطينا اياه. بالاساس نحن بحاجة الى الصبر وطول النفس كما يوجد لاعدائنا. وبدون ذلك يصعب علينا العيش في منطقة الشرق الاوسط.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى