أقلام وأراء

إميل أمين: لمن سيصوت شباب أميركا في 2024؟

إميل أمين 1-5-2024: لمن سيصوت شباب أميركا في 2024؟

يطلقون على الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 موعد الانتخابات الرئاسية القادمة، «يوم جرد الأرض»، لا سيما بالنسبة للشباب الأميركيين المحبطين، الذين أدمت أرواحهم ونفوسهم وعقولهم، أخطاء وخطايا المؤسسة السياسية الأميركية.

يقول الخبراء السياسيون الأميركيون، إنَّ الناخبين الشباب سيكون لهم تأثير مثير، وربما خطير في الاقتراع الرئاسي المقبل، لا سيما أن توجهاتهم يمكنها أن تعرقل عملية السباق الرئاسي التقليدية.

لعب الشباب الأميركي دوراً مهماً في انتخابات 2020، رغم أن أميركا كانت في خضم الوباء، وأظهروا واحدة من أعلى معدلات الإقبال على التصويت للناخبين الشباب منذ السبعينات، ولم يحضروا بأعداد كبيرة فحسب، بل صوتوا بأغلبية ساحقة لصالح الرئيس بايدن.

الأمر نفسه جرت به المقادير في الانتخابات النصفية قبل عامين تقريباً، فقد ظهر الناخبون الشباب، وصوتوا بأغلبية ساحقة لصالح الديمقراطيين.

علامة الاستفهام المطروحة على الساحة الأميركية هذه المرة: «لمن سيصوت هؤلاء من جديد، لبايدن أم أن هناك ما يدفع للاعتقاد بأن الحظ سيوفي لترمب، وسيخلف لسيد البيت الأبيض؟».

هناك حقائق مؤكدة ينبغي التوقف أمامها أول الأمر، وفي مقدمتها أن الشباب الذين بلغوا سن التصويت لأول مرة والذين بلغوا الثامنة عشرة، هم أكثر انخراطاً في العملية السياسية اليوم مقارنة بالأجيال التي سبقتهم بالعمر.

كما أن هؤلاء أفضل تعليماً من الأجيال السابقة، فهم مواطنون رقميون، والمثير أنهم يواكبون الأخبار، رغم أنهم قد يحصلون عليها من وسائل التواصل الاجتماعي بدلاً من وسائل الإعلام التقليدية.

يشكل الناخبون الذين يصوتون لأول مرة عادة نحو 10 في المائة من الناخبين، وفي انتخابات متقاربة الحظوظ كما هذا العام، تضحى أصواتهم مهمة وحاسمة.

عطفاً على ذلك، فإنَّ أولئك الذين يصوتون لأول مرة يعكسون التنوع المتزايد في أميركا، ولهذا يبدو مرجحاً أنَّ يكونوا من أصول لاتينية أو آسيوية، وربما أفريقية، ويشكلون أرقاماً وازنة.

لا ينتظر أن يصوت الشباب الأميركي عما قليل بأعداد كبيرة فحسب، بل من المتوقع أن يشاركوا في ولايات تمثل «ساحات معركة»، أي الولايات المتأرجحة المهمة مثل ميشيغان وجورجيا وأريزونا وبنسلفانيا، ويبدو حضورهم فاعلاً وناجزاً وبما يفوق التوقعات.

يكافح الحزبان الكبيران لنيل دعم شباب أميركا، وبخاصة في ظل مقدرة هذا التيار الواعد على الترويج للمرشحين من خلال الحملات الانتخابية من باب إلى باب، ومن أذن إلى أخرى.

يمكن القطع بأن الذين ولدوا في عام 2000 يبلغون الآن نحو أربعة وعشرين عاماً، هؤلاء قد نشأوا في وقت شهدت فيه أميركا انقساماً سياسياً حاداً للغاية، وعوض عن أن يكون لديهم مرشحون يحتشدون من حولهم، وجدوا مشكلات جوهرية، من نوعية عمليات إطلاق النار الجماعية المأساوية التي حدثت خلال العقد الماضي، ما دفع الكثيرين للاعتقاد في طريق العنف المسلح بوصفها أسلوب حياة، فيما آخرون باتت تمثل لهم قضية التغيرات المناخية هاجساً حياتياً، بينما فريق ثالث يزعجه إصدار قرار المحكمة العليا إسقاط الحق الدستوري في الإجهاض، واليوم يطفو على السطح، ولأول مرة منذ حرب فيتنام، حراك سياسي لشباب الجامعات.

ما معنى ذلك ودلالاته؟

المعنى والمبنى، أننا أمام ناخبين شباب يفضلون القضايا على الحزب، وهذا يظهر جلياً في البيانات، ففي استطلاعات الرأي الأخيرة لجامعة هارفارد للشباب، وجدوا أنه في الواقع نحو ثلث الشباب فقط يتعاطفون مع الديمقراطيين، رغم التصويت الرئاسي السابق 2020، وانتخابات التجديد النصفي 2022، بأغلبية ساحقة للديمقراطيين.

يعن لنا أن نتساءل: «أين يقف الشباب الأميركي من قضية الاقتصاد الأميركي وأحواله ومآلاته؟».

جرى العرف تقليدياً على القول إن الناخب الأميركي يصوت دائماً برسم اقتصادي، وأن ما يهمه بالدرجة الأولى هو راتب آخر الأسبوع، فهل ينسحب المشهد على الناخبين الشباب هذه المرة ضمن باقة القضايا الفاعلة والمؤثرة؟

تبدو مهارات المرشح الجمهوري ترمب صاحبة الحظ في هذا السياق، وهذا ما أظهره استطلاع أجرته «رويترز – أبسوس» أواخر أبريل (نيسان) الماضي، حيث فضل الأميركيون الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً ترمب على بايدن بنسبة 3 نقاط مئوية.

هنا يبدو واضحاً أنه إذا ظل ترمب قريباً من بايدن في هذه الفئة الديموغرافية حتى الخامس من نوفمبر، فسيكون ذلك مكسباً كبيراً مقارنة بعام 2020، حين فاز بايدن بأصوات الشباب بفارق 24 نقطة.

كان السبب الأكثر شيوعاً لدعم الرئيس السابق ترمب هو التضخم، والتصور بأن الاقتصاد لم يكن في صالحهم، مما يؤكد كيف أن ارتفاع أسعار السلع الأساسية اليوم أكثر بروزاً بالنسبة للبعض من ارتفاع أسعار الأسهم وانخفاض البطالة خلال سنوات بايدن.

قضية أخرى تطل برأسها من نافذة الأحداث، حيث يدعم 25 في المائة من المستطلعة آراؤهم أفكار ترمب الخاصة بتقييد الهجرة إلى الداخل الأميركي، ما يعني أن مسألة التركيبة السكانية للبلاد، والتغيرات الديموغرافية المتسارعة، باتت تشكل مخاوف حقيقية لجماعة «الواسب» الأميركية بنوع خاص، وأنها ستضحى محدداً مهماً للغاية في تصويت نوفمبر القادم حكماً.

وفي السياق ذاته، سيكون للشباب الأميركي صاحب التوجهات الروحية والإيمانية دور حاسم، لا سيما في ظل تصاعد الديالكتيك من حول قضايا تتعلق بالحياة والموت، والحرب والسلام، ومن يتقدم تكنولوجياً ويتراجع إنسانوياً، وفي وقت تواجه فيه أميركا تساؤلات جذرية حول شخصية القادة ونزاهتهم وقدراتهم، فضلاً عن مسألة حماية الديمقراطية.

هل سيخسر بايدن أصوات الشباب لصالح ترمب، كما تقول «النيويورك تايمز»؟

مؤكد هناك حالة اصطفاف مفاجئة ودراماتيكية في السياسة الأميركية، الأمر الذي قد يعد بتحولات كبيرة عن مجريات تاريخ الانتخابات الرئاسية الحديثة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى